رسالة مفتوحة إلى وزارة النفط والثروة المعدنية
المهندس إبراهيم الأحمد المهندس إبراهيم الأحمد

رسالة مفتوحة إلى وزارة النفط والثروة المعدنية

سبق وأشارت «قاسيون» إلى عدد من الارتكابات الحاصلة في الشركة العامة للفوسفات والمناجم، وذلك في العدد رقم (561) تاريخ 12-7-2012 والعدد (562) تاريخ 19-7-2012، فيما يتعلق بكميات من الإنتاج الوهمي لمادة الفوسفات في مناجم الشرقية تصل إلى (1,5) مليون طن وما يقابل ذلك من كشف ردم وهمي يصل إلى (3) مليون م3 شبكي، ما يعني صرف أكثر من (4) مليار ليرة سورية مقابل إنتاج لم يحصل على أرض الواقع وكذلك كشف الردم المقابل له، لكن وبعد قراءتنا للعدد رقم (563) تاريخ 26-7-2012 من «قاسيون»، 

وفي مقالة بعنوان «حقول الرميلان وحواجز الفساد المنصوبة على طريق التطوير»، تبين لنا أننا في شركة الفوسفات لسنا الوحيدين في ما نعانيه من مختلف ظواهر الفساد والذي يطال التركيبة الإدارية للشركة وبجميع مفاصلها، مروراً بطرق الإنتاج التي لم يطرأ عليها أي تعديل جوهري يخص تطوير المنتج من حيث الكم والنوع أو فتح أسواق جديدة للفوسفات السوري في العالم وطرحه بنوعيات مرغوبة عالمياً وقادرة على المنافسة القوية، وذلك من خلال رفع نسبة التركيز إلى حدود (33 - 34 %) من خامس أكسيد الفوسفور، إضافة إلى تصنيع مادتي الفوسفور وحمض الفوسفور وكذلك مختلف أنواع الأسمدة الفوسفاتية ويتم البدء بمثل هذا كخطوة أولى لتحقيق مثل هذا التطور النوعي بتعويم الفوسفات، أي إغناء الفوسفات بواسطة التعويم لتخليص الفوسفات من مختلف الشوائب غير المرغوبة في الصناعة ورفع نسبة تركيز هذه المادة إلى حدود تصل إلى (34 %)، علماً  أن كامل الكلفة لمطلوبة لإجراء مثل هذا الإجراء يمكن تعويضها وبسرعة كبيرة لإمكانية تسويق مادة الفوسفات بأكثر من ضعف سعرها الحالي، إضافة إلى خلق أسواق جديدة واسعة في العالم لبقية المنتجات مثل الأسمدة وحمض الفوسفور وغيرها.

الأسباب الموضوعية التي حالت دون تطوير الشركة ومنذ عدة عقود، هي ذاتها التي تحول دون هذا التطوير حتى اليوم، وتكاد تنحصر في مكون أساسي ألا وهو الفساد ثم الفساد، والذي تجلى دائماً وحتى الآن في اختيار التركيبة الإدارية للشركة من قمة الهرم الوظيفي إلى أدنى المستويات الوظيفية الحساسة في الشركة، وبالتالي لا يوجد من كامل هذه التركيبة أي مسؤول يدرك مدى المسؤولية الملقاة عليه لتحسين الإنتاج كماً ونوعاً وآخر ما يهم الكادر الإداري هو هذا الأمر، لذلك ليس مستغرباً أن تجد الخطط الإنتاجية المتواضعة جدا للشركة لا يتم تحقيقها وأن الأرقام التي يتم تسويقها للفوسفات المنتج وكميات كشف الردم المحققة هي من جملة الأكاذيب التي تمرس عليها مسؤولو شركة الفوسفات، فعلى سبيل المثال ومن واقع المجموعات الإحصائية للشركة للأعوام (2005-2010) نجد أن الشرقية قد حققت الخطة الإنتاجية للفوسفات وبنسبة تزيد عن (%100) وبكمية قاربت الـ(400) ألف طن زيادة عن المخطط حيث بلغ المنتج (17,140,587) طن، بينما المخطط (16,695,000) طن، وبالعودة إلى المصدر فعلاً بلغ (14,508,060).. أي إن الفارق يصل إلى قرابة الـ (1,5) مليون طن، وبخصوص كشف الردم نجد ان المديرية لم تحقق المخطط وبكمية تتجاوز الـ(5) مليون م3 شبكي، حيث كان المخطط (27,704,781) م3 شبكي، بينما المنفذ (22,334,472) م3 شبكي.

أي إن المديرية تمكنت من تحقيق أكثر من (%100) من خطة الفوسفات، بينما لم تقم بتنفيذ خطة الكشف وبمعدل يساوي خطة إنتاجية للشركة تزيد عن السنتين، وإذا تم احتساب كشف الردم الواجب تنفيذه مقابل الـ(1,5) مليون طن فوسفات منتج وهمي والذي يصل إلى (3) مليون م3 شبكي، أي أن النقص الفعلي في تنفيذ كشف الردم يتجاوز الـ(8) مليون م3 شبكي لهذه الفترة، وهذا وحده تطلب إنفاق ما يزيد عن (500) مليون ليرة سورية مقابل أرقام وهمية كاذبة.

إن الأمر في مناجم خنيفيس لا يختلف كثيراً عما هو في الشرقية، حيث أن هذه المديرية لم تحقق الخطة الإنتاجية بمادة الفوسفات وبنسبة تصل إلى معدل خطة أكثر من سنة ونصف حيث قارب النقص الـ(700000) طن، بينما تم تحقيق كشف ردم زيادة عن المخطط، أي إن نسبة التنفيذ تجاوزت الـ(%100) للكشف، هذا يعني أن المديرية يجب أن تمتلك مساحات مكشوفة في المنجم ما يكفي لسنتي عمل، خصوصاً إذا ما تمت إضافة الكشف المحقق مقابل الفوسفات غير المنتج والبالغ (700000) طن، وهذا يصل إلى (3,5) مليون م3 شبكي، حيث أن ثابتة الردم في خنيفيس (5/1) ما يعني ان هذه المديرية أيضاً أنفقت ومقابل هذا البند فقط ما يصل إلى أكثر من (500) مليون ليرة سورية وللفترة نفسها.

السؤال البديهي الذي يطرح نفسه، أين إدارة الفوسفات من كل هذا؟!

إن إدارة الشركة تعلم هذه الحقائق وقد تم إبلاغها بالعديد من المذكرات، وسبق وأن أشرنا إليها في العدد (561) تاريخ 12-7-2012 من جريدة قاسيون، وما يفسر استمرار هذه الإدارة هو تجذر الفساد في كافة أركانها حيث لم يكن من قبيل الصدفة أن أصدرت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وبالعديد من توصياتها والتي تنص على إبعاد غالبية مدراء الشركة من مناصبهم الحالية وعدم تسليمهم أية مناصب إدارية أو قيادية أخرى في الشركة لثبوت الإهمال واللامبالاة وعدم الأهلية لشغل مناصب حساسة في الشركة، وكان ذلك واضحاً في قرارت الهيئة، ذوات الأرقام:

• القرار رقم 18/1060/4/4/م.ع تاريخ 20-10-2008

• القرار رقم 4/1221/34/4/ت.خ تاريخ 31-8-2009

• القرار رقم 4/49/34/4/م.ت تاريخ 16-2-2010

ولم تكتف شركة الفوسفات بعدم بتنفيذ أي من هذه القرارات، لا بل عمدت إلى ترقية المذكورين فيها إلى مناصب أكثر أهمية وحساسية وزاد عن ذلك كله قيامها بالتمديد لاثنين منهم لمدة ستة أشهر إضافية لبلوغهم سن التقاعد القانوني.

وهذا أمر مفهوم، فليس لهؤلاء من بديل ويجدر التنويه هنا بأن المنفذ من خطة إنتاج الفوسفات وكشف الردم يتم بالاعتماد على القطاع الخاص وبنسبة تتجاوز الـ(%60) رغم امتلاك الشركة لعشرات الآليات الهندسية اللازمة لتحقيق الخطة، ولكن الإهمال على كل المستويات أدى إلى تدني جاهزية الآليات إلى مستويات غير مسبوقة وبالتالي عجز الشركة عن الاعتماد على ذاتها وأسطولها العملاق من كل الآليات حيث بلغت مساهمة القطاع الخاص في تنفيذ خطة كشف الردم في الشرقية للفترة المشار إليها أعلاه (17,780,331) م3 شبكي، مقابل (8,924,450) م3 شبكي بآليات الشركة وفي خنيفيس كان نصيب القطاع الخاص (13,861,165) م3 شبكي بينما المنفذ بآليات الشركة (3,846,027) م3 شبكي.

فإلى أين؟ وإلى متى تظل أموال الشركة نهبا والشركة مرتعا للفساد والفاســديــن؟ سؤال نتركه برسم وزيــر الـنفـط والثـروة المعدنيـة، علّنا نحصل علـى الإجـابــة.