الغرب لا يدعم «إسرائيل» فقط بل يبيع أراضي الفلسطينيين أيضاً!
مارثاد أوموسيابا مارثاد أوموسيابا

الغرب لا يدعم «إسرائيل» فقط بل يبيع أراضي الفلسطينيين أيضاً!

أجرت صحيفة The Candian Files تحقيقات صحفيّة قادت في نهاية المطاف إلى انتشار تنظيم عمليات بيع في كندا للأراضي في فلسطين المحتلة، وذلك بشكل يخالف القانون الدولي، والذي يفترض بأنّ القانون الداخلي الكندي يحظرها أيضاً، لتظهر بأنّ العمليات تتمّ بشكل علني ليس في الولايات المتحدة فقط، بل في كندا وبقيّة دول العالم الغربي. يتمّ تنظيم الأحداث الكبرى لبيع الأراضي الفلسطينية المحتلّة في الضفة الغربية وغزة، وبشكل علني عبر الإعلان عنها عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

ترجمة: قاسيون

شاركت في هذه التحقيقات وتابعت تفاصيلها الصحفية غادة ساسا، الباحثة فلسطينية الأصل من جامعة ماكماستر. وقد اكتشفت أنّ الأمر مستمر لدرجة تنظيم حدثين لبيع الأراضي الفلسطينية بهدف الاستيطان في 3 و7 آذار 2024 في تورنتو، وحدثٍ كبيرٍ آخر في 5 آذار 2024 في مونتريـال. تقوم المجموعتان العقاريتان «KW Realty Group» و«My (Your) Home In Israel» بتنظيم هذه الأحداث.
تقول ساسا إنّها عثرت على إعلان على إنستغرام يروج لتعزيز «أحياء الأنغلو Anglo neighbourhoods» في «إسرائيل». كما تمّ التأكيد أنّ هذه المستوطنات التي «باتت متاحة» للبيع موجودة في الضفة الغربية، في انتهاكٍ واضحٍ للعديد من قرارات الأمم المتحدة. كما لاحظت ساسا أنّ جزءاً من هذه الأراضي المروَّج لها والتي باتت «متاحة» موجودةٌ على شواطئ غزة وتواجه شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
إنّ شركة KW Realty، الشركة التي أدارت حدث المبيعات في 3 آذار، والمدرجة ضمن المتبرعين المهمّين لعناصر الجيش «الإسرائيلي»، هي عضو في جمعية أونتاريو العقارية «OREA». إنّ منظمة OREA سيئة السمعة بسبب إحكامها لقبضتها الخانقة على البيئة السياسية في أونتاريو، وبسبب مشاركتها في مخططات الدفع مقابل الخدمات وملء جيوب كلّ حزب سياسي رئيسي بشكل مفرط. تمتلك الجمعيّة العقاريّة الكندية أيضاً صندوقاً كبيراً للتأثير على السياسة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في مونتريـال وكيبيك الناطقة بالفرنسية.
في الحقيقة، تشتهر كندا بالتصويت ضدّ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تدين المستوطنات. ولذلك وجدت صناعة العقارات في كندا فرصة للاستفادة من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. تعدّ الجالية اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة دينياً من المشترين الرئيسيين في كلّ من كندا والولايات المتحدة، وهم يشعرون بالارتياح تجاه الدعم الدبلوماسي الذي يتلقونه من كلا البلدين في الأمم المتحدة. يضع مجال عمل العقارات في كندا العديد من السياسيين في جيوبهم الخلفية، وهم قادرون على رفع أسعار المساكن بشكل تعسفي حسب رغبتهم في جني المزيد من الربح عبر ذلك، ومن هنا يمكننا رؤية الترابط بين ثقافة الإفلات من العقاب في سوق الإسكان الكندي والأمريكي والتطهير العرقي في الشرق الأوسط.
وإلى جانب انحياز كندا والولايات المتحدة الصارخ لصالح إدامة الاحتلال «الإسرائيلي» وبناء المستوطنات على أراضي الفلسطينيين المحتلة، فإنّ لدى حلف شمال الأطلسي ودول رابطة «العيون الخمس» ككل مجموعة متنوعة من الأساليب التي تتخذ مواقف منافقة تظهرهم وكأنّهم يعارضون سلوك «إسرائيل» في الأمم المتحدة. لكنهم يفعلون ذلك بينما يواصلون تسليح دولة «إسرائيل»، وبالتالي عمليات الاستيطان. يتجلّى ذلك عندما يقوم الجيش «الإسرائيلي» بتوزيع بنادق هجومية حديثة غربيّة الصنع على المستوطنين في الضفة الغربية ومحيط غزة، مدركين أنّهم سيستخدمونها ضدّ الفلسطينيين أصحاب الأرض.
نتيجة لذلك، عملت كندا والولايات المتحدة، بالتآمر مع سوق العقارات الفاسد، على تهيئة بيئة حيث يمكن لجنود سابقين في الجيش «الإسرائيلي» إجراء مبيعات غير قانونية في المستوطنات في وضح النهار. أحد الوسطاء الرئيسيين لشركة «بيتك في إسرائيل» هو أوهاد غيرشيش، والذي خدم كاحتياطي في الجيش «الإسرائيلي» من 2006 إلى 2010. كان ذلك خلال الفترة التي فُرض فيها الحصار على غزة عام 2007 بعد أن نجحت حماس في طرد الجيش «الإسرائيلي» من هناك في عام 2005. تبيع شركة «منزلك في إسرائيل» ثمانية مبانٍ غير قانونية في الضفة الغربية والقدس.

الغرب الاستعماري الفاسد يبقى فاسداً

في السعي لتحقيق حق تقرير المصير، فإنّ استخدام الشعب الفلسطيني للقوّة، لمقاومةِ الاضطهاد الأجنبي واستكمال إنشاء دولة مستقلة، هو حقّ غير قابل للتصرف وله أسس راسخة في القانون الدولي. تحرّرت شعوبٌ عديدة من الحكم الاستعماري والقمع الأجنبي لتحقيق دولة مستقلة بعد الحرب العالمية الثانية... تعترف العديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشرعية النضال بالوسائل المتاحة كافةً، بما في ذلك الكفاح المسلح... على سبيل المثال، قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3070 لعام 1973: «يؤكد من جديد على شرعيّة نضال الشعب ضدّ الهيمنة والاستعباد الاستعماري والأجنبي بالوسائل المتاحة كافةً، بما في ذلك الكفاح المسلح».
قدّم شين مين Ma Xinmin، المستشار القانوني لوزارة الخارجية الصينية، هذه الحجج القانونية أمام محكمة العدل الدولية بشأن احتلال «إسرائيل» لفلسطين وحقّ الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم بكافة الوسائل المتاحة. مع ظهور المؤامرات المؤيدة للاستعمار في اثنتين من أكبر مدن كندا، تم تأكيد خطة التطهير العرقي التي وضعها حلف شمال الأطلسي بشكل لا لبس فيه وبشكل حاسم.
تمّ تأكيد خطط التطهير العرقي والموافقة الغربية عليها في العديد من المصادر، منها الإعلان عن ورقة مؤسسة كارنيغي التي تحدد الاستعدادات التي قام بها الناتو لتحقيق الخطة المذكورة، وأخيراً، مع استعداد اقتصادات دول الناتو للاستفادة من النتيجة. إنّ الحلول الغربية المراوغة التي تحاول الظهور بمظهر الحياد مع دعمها الكامل «لإسرائيل»، والذي رفضته الفصائل الفلسطينية، ظهرت على حقيقتها بأنّها ليست أكثر من مجرّد خطط لتحويل الانتباه من قبل حلف شمال الأطلسي لشراء الوقت حتى التوصل إلى حلّ نهائي ضدّ الفلسطينيين.
إنّ إدانة حماس وغيرها من منظمات المقاومة الفلسطينية المسلحة – وهي إدانةٌ تستند إلى دعاية مضحكة بشكل تام – وتشويه سمعة المنظمات الفلسطينية بزعم أنها «منظمات إرهابية»، هي في الواقع أدلة إضافية على فساد الناتو ونظرته الاستعمارية. تتمّ شيطنة المقاومة الفلسطينية، التي تعتبر شوكة في خاصرة خطّة التطهير العرقي، لأنها تعبير واضح عن قيام الفلسطينيين بإنفاذ حقوقهم الإنسانية ضدّ رغبات حكومات الناتو. إنّهم يشكّلون عقبة واضحة وعنيدة أمام «آخر معقل للتفوق الأبيض»، كما أوضحت السيدة ساسا ببلاغة.
مع ذلك، فإنّ هذا التعبير الواضح والصارخ عن الازدراء للعالم غير الغربيّ-الأبيض هو رسالة سمعتها البشرية بمعظمها بصوت عالٍ وواضح. سيتمّ رفض نظام التفوق الأبيض «القائم على القواعد» بشكل قاطع مع تكثيف الناتو عدوانه، وستفشل خطة دفعه بالقوّة إلى بقية العالم. ينطبق هذا بشكل واضح أيضاً عندما تقاوم الأقلية غير البيضاء في دول الناتو الطبقةَ العنصرية.
تقول ساسا: «إنّ أكبر سلاح أو ميزة لدينا في المقاومة الفلسطينية هي قيمنا. نحن متمسكون بأرضنا، ونحن على الجانب الصحيح من التاريخ».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1165