في مجال السيارات... المنافسة الأمريكية للصين شبه معدومة
تشن جينغ تشن جينغ

في مجال السيارات... المنافسة الأمريكية للصين شبه معدومة

في بعض الصناعات، تتمتع الولايات المتحدة بمزايا، مثل التمويل والإعلام والرقائق وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، حيث يصعب اللحاق بها. وفي بعض الصناعات، مثل الصلب والإسمنت والبنية التحتية والمنسوجات والكهروميكانيك، تتمتع الصين بمزايا يصعب اللحاق بها. لكنّ صناعة السيارات مميزة إلى حد ما. فمنذ وقت ليس ببعيد كانت منطقة قوة بالنسبة للولايات المتحدة، لكن الوضع يتغير بسرعة.

ترجمة: قاسيون

في 29 شباط، أصدر بايدن بياناً بدأ فيه بالتشديد على أن «صانعي السيارات وعمال صناعة السيارات الأمريكيين هم الأفضل في العالم» واتهم الصين بأنها «مصممة على الهيمنة على مستقبل صناعة السيارات، من خلال الممارسات غير العادلة». إذا كنت على دراية بالروتين الدعائي لحكومة الولايات المتحدة، فيمكنك قراءة ثلاث نقاط هامّة من هذا البيان:
1. شركات صناعة السيارات الأمريكية في تراجع، وفعالية تكاليف عمال صناعة السيارات هي الأسوأ في العالم. 2. إنّ فرصة السيارات الصينية «للسيطرة على سوق السيارات» في المستقبل كبيرة. 3. لا تتمتع الولايات المتحدة بالثقة اللازمة للتنافس بشكل مباشر مع السيارات الصينية، وسوف تتبنى ممارسات غير عادلة. يجدر بنا أن نسأل: لماذا يشعر الساسة الأمريكيون بالذعر الشديد؟ ماذا حدث لصناعة السيارات الصينية والأمريكية والعالمية؟ كيف ستتطور بعد اليوم؟
من خلال الأخبار المتعلقة بصعود مركبات الطاقة الجديدة المحلية وارتفاع صادرات السيارات، يعرف الرأي العام أنّ صناعة السيارات في الصين آخذة في الصعود، ولكنّ المعرفة الصناعية والبيانات المحددة لا تحظى بشعبية كبيرة، وخاصة عندما تُفهم في سياق عالمي. تنقسم السيارات إلى سيارات ركاب ومركبات تجارية، بعض البيانات خاصة بسيارات الركاب وستكون أصغر من بيانات السيارات. ليس حجم تصدير السيارات المنتجة في بعض الدول صغيراً، ولكن هناك إحصائيات مختلفة عن عدد السيارات التي تم تصديرها. على سبيل المثال، قبل عام 2021، أدرجت الصين السيارات الكهربائية منخفضة السرعة «Laotule» في صادرات مركبات الطاقة الجديدة، مما جعل بنغلاديش تصبح أكبر دولة تصدير مستهدفة، بما يصل إلى 100 ألف مركبة. في وقت لاحق، تغيّر ذلك، فتمت إزالة المركبة من الإحصائيات.
لدى بعض الدول مشاريع مشتركة أجنبية أو شركات سيارات مملوكة بالكامل لشركات أجنبية، لكن يتم تضمين مبيعاتها وصادراتها في بيانات الدولة التي توجد فيها رغم أنّها مدرجة أيضاً في المبيعات العالمية لعلامة السيارات التجارية. غالباً ما تمتلك مجموعات السيارات الكبيرة العديد من العلامات التجارية الفرعية، وتستحوذ على علامات تجارية أجنبية، وتؤسس أيضاً ملكية فردية أو مشاريع مشتركة لإنشاء علامات تجارية جديدة لإنتاج «قوى جديدة».
على سبيل المثال، في 2023، وصلت مبيعات السيارات في الصين إلى 30.094 مليون مركبة، وهو رقم قياسي، بما في ذلك 26.063 مليون سيارة ركاب و4.031 مليون مركبة تجارية، بما في ذلك 9.495 مليون مركبة تعمل بالطاقة الجديدة «أي 20.599 مليوناً من مركبات الوقود كمبيعات». وهي مقسمة إلى قسمين: المبيعات المحلية والصادرات: بلغت الصادرات 4.91 مليون وحدة، بزيادة كبيرة قدرها 57.9٪، لتحتل المرتبة الأولى في العالم. بلغت المبيعات المحلية 25.18 مليون وحدة، وهو ليس رقماً قياسياً جديداً - في عام 2017، كانت مبيعات السيارات 28.879 مليون وحدة، والمبيعات المحلية 27.988 مليون وحدة، وهي الذروة، ولا تزال المبيعات المحلية في 2023 بعيدة بنسبة 10% عن الذروة.
لكن على الرغم من ازدهار السيارات الصينية في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تبرز في تصنيفات مبيعات مجموعات السيارات العالمية. دخلت BYD للتو ضمن المراكز العشرة الأولى في القائمة في عام 2023. جنباً إلى جنب مع Geely وChangan وChery وSAIC، يوجد إجمالي 5 شركات في المراكز العشرين الأولى. وتبلغ المبيعات المجمعة للشركات الخمس 11.42 مليون سيارة. بينما احتلت شركات جنرال موتورز وفورد وتِسلا في الولايات المتحدة المراكز الخامس والسادس والسابع عشر على التوالي، بإجمالي حجم مبيعات بلغ 12.39 مليون سيارة.

فقاعة سوقيّة

يمكن للساسة الأمريكيين أن يروا أنّ وضع شركات السيارات الأمريكية مهدد بشكل خطِرٍ من قبل نظيراتها الصينية، فهم يعرفون الواقع. تشمل النقاط الرئيسية لما يعرفونه: - أنّ أداء «القوى الجديدة» في الولايات المتحدة في مجال الطاقة الجديدة قد جاء أقل من التوقعات بشكل خطِر وانتهى صعوده بشكل فعلي، ولم يبقَ منه غير فقاعة. - أصبحت مكانة تسلا الرائدة في مجال السيارات الكهربائية مهددة بشكل خطِر من قِبَل شركات السيارات الصينية. - إنّ البنية الأساسية لإنتاج وتطبيق مركبات الطاقة الجديدة في الولايات المتحدة أدنى كثيراً من نظيرتها في الصين. - كان أداء شركتي جنرال موتورز وفورد سيئاً للغاية في التحوّل إلى مركبات الطاقة الجديدة، الأمر الذي أدّى إلى انحدارهما عالميّاً. - تغلبت القدرة التنافسية التي تتمتع بها شركات السيارات الصينية على منافسيها واحتلت السوق العالمية بسرعة غير متوقعة.
حقيقة أنّ آمال شركات السيارات الأمريكية باحتلال سوق الطاقة الجديدة قد انتهت هي أحد الأسباب الجوهرية هنا. ارتفعت القيمة السوقية لشركة تسلا 30 مرة خلال سنوات، حيث تجاوزت ذات مرة عتبة التريليون دولار وأصبحت أسطورة في سوق الأسهم. تعلّق الولايات المتحدة آمالاً كبيرة على إنشاء العديد من «القوى الجديدة» وتأمل في تكرار الحالات الناجحة. هذا تفكير منطقي، فسوق السيارات ضخمة على كل حال.
الشركات الأمريكية الثلاث الأكثر شهرة هي ريفيان، ولوسيد، وفيسكر، ولم تبع الكثير من السيارات منذ 2021، لكنّ قيمتها السوقية مرتفعة للغاية. تبلغ القيمة السوقية لشركة ريفيان 10.6 مليارات دولار أمريكي، وهي مماثلة لقيمة شركة جيلي الصينية. لكن من حيث حجم المبيعات، تحتل مجموعة جيلي المركز الثاني بين شركات السيارات الصينية والمرتبة 11 عالمياً، حيث بلغت مبيعاتها 2.79 مليون مركبة في عام 2023، منها 980 ألف مركبة تعمل بالطاقة الجديدة. لكن ما هي مبيعات ريفيان؟ حققت شركة ريفيان «إنجازاً كبيراً» في 2023، حيث أنتجت 57.232 سيارة كهربائية، بزيادة سنوية قدرها 135%، وبلغت المبيعات 50.122 سيارة، بزيادة سنوية قدرها 147%. يبدو معدّل النمو جيداً، لكنّ القيمة السوقية انخفضت إلى 1/10 مقارنةً بوقت إدراجها في 2021. الأمر أنّه ورغم الهبوط الكبير، لا تزال القيمة السوقية كما هي مماثلة لشركة جيلي التي تبيع ملايين السيارات، ممّا يدل على أن الفقاعة ضخمة. أمّا شركات لوسيد وفيسكر فأداؤها من حيث المبيعات أسوأ من ريفيان.
شركات السيارات الأمريكية لديها نفقات ضخمة ولا تستطيع بيع ما يكفي من السيارات، لذلك تخسر المال بسرعة كبيرة. لكن نظراً إلى أنّها طرحت أسهمها للاكتتاب العام وجمعت الأموال، فلا يزال بإمكانها حرق الأموال لفترة من الوقت. وعلى الرغم من أن التصنيف العالمي وحصة السوق لشركات السيارات الصينية ليست عالية، إلا أن معدل نموها مذهل، والقدرة التنافسية لمركبات الطاقة الجديدة ومركبات الوقود قوية للغاية. ستكون هناك أخبار لاحقاً حول التحركات الملتوية للساسة الأمريكيين. ومع ذلك، بدأت صناعة السيارات في الصين للتو باكتساح سوق السيارات العالمية، ومن المؤكد أن تصنيفها وحصتها في السوق سوف ترتفع إلى أعلى وأعلى. تعتمد شركات السيارات الأمريكية على السوق الصينية والمشاريع المشتركة للحفاظ على مكانتها، وفي ظل هذه الظروف فإنّ الحكومة الأمريكية ببساطة غير قادرة على تغيير الوضع العام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1166
آخر تعديل على الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024 23:13