نزار عادلة نزار عادلة

المصرف التجاري السوري يُعدم شركة الإطارات..

حتى الآن، ما زالت التصريحات الحكومية تدعو لإصلاح القطاع العام، مؤكدة أهميته ودوره في عملية التنمية بحكم الخصائص الذاتية التي يمتلكها هذا القطاع، وباعتبار أن درجة تصنيع الاقتصاد هي مقياس لانتقاله من حظيرة التخلف إلى التقدم.

أكد وزير المالية مع احتدام الأزمة المالية العالمية بأن القطاع العام هو الأساس في التنمية، وأن دور الدولة الاقتصادي هام جداً.. ولكنه لم يتحدث عن ضرورة إعادة النظر بالسياسة العامة التي تحكم هذا القطاع، ولم يتحدث عن مجموع القوانين والمراسيم التي تحكم آلية عمل القطاع العام معيقة تطوره، والتي أضافت إليها وزارة المالية جملة قوانين خلقت عقبات أخرى. وأبسط القضايا:
العلاقة بين القطاع العام ووزارة المالية والمطالبات المستمرة بمنح القطاع العام الاستقلالية، والاكتفاء بتمويل الضريبة على الأرباح وحصة الدولة من هذه الأرباح.
التشابكات المالية وعدم إصدار قانون يعتبر أن أصل الديون والفوائد المترتبة على الشركات بحكم المسددة، ويعوض صندوق الدين العام خسائر الوحدات المتضررة.
وزارة الصناعة تعمل جاهدة، ولكنها تصطدم بوزارة المالية، وربما بجهات أخرى..
نقول ذلك لأن هناك شركات إستراتيجية كبرى تنهار يومياً، وتقف الحكومة تتفرج على هذا الانهيار دون أن تتخذ قرارا للإنقاذً.
اقتصاد السوق وتحرير التجارة وجملة الخطوات الليبرالية، خلقت صعوبات كبيرة وتحديات جدية أمام القطاع العام أولاً، ومن ثم القطاع الخاص. منافسة حاسمة في القطاعات كافة دون أن تهيئ الحكومة السوق السورية والقطاع العام تحديداً لهذه المنافسة من خلال صياغة تشريعات وإصدار قوانين لمواجهة ما يحدث في السوق، وإنما جرى العكس تماماً، فقد تركت شركات القطاع العام وحدها تواجه المصير البائس، ووضعت عقبات جديدة أمامها.
 
شركة الإطارات.. نموذج للكارثة
أدى دخول الإطارات إلى الأسواق المحلية من دول العالم كافة بدون ضابط، مع انعدام الحماية للإنتاج الوطني، إلى إغراق السوق، وتناسى «المحررون» أن الدول الرأسمالية تفرض رسوم إغراق تصل إلى 40%، وترافق ذلك في شركة الإطارات مع بروز مشكلة استيراد المواد الأولية المتزامن مع عدم وجود سيولة وكثرة الأنظمة والقوانين التي تعيق العمل.. علماً أن ديون هذه الشركة على الشركات الإنشائية تصل حتى مئات الملايين.. ومنذ 20 عاماً والشركة تسعى للحصول على تكنولوجيا متطورة لإنتاج إطارات الشريط الفولاذي والإطارات السياحية، وتحديث وتطوير خطوط الإنتاج وإدخال آلات جديدة، وكان آخر هذه «الأحلام» مذكرة تفاهم مع الجانب الصيني وقعت عام 2004، وحتى الآن مازالت الأحلام أحلاماً..
وهناك صعوبات ومشكلات عديدة أخرى بقيت دون حلول فوصلت الشركة إلى الخسارة بعد أن كانت رابحة منذ تأسيسها، وهي الآن لا تستطيع المزاحمة في السوق وثمة تراكم في المخزون، وتوقف إنتاج الإطار السياحي، وبقيت على إنتاج الإطار الزراعي وهو ناجح ومرغوب في السوق.. إن إنتاج الإطار الزراعي وتسويقه يعني استمرار عمل الشركة دون خسارة، ولكن يبدو أن هناك قراراً بإيصال الشركة إلى الخسارة والتوقف.. وهنا نسأل ماذا يعني امتناع المصرف التجاري عن فتح الاعتمادات للشركة من أجل الحصول على مواد أولية؟؟
لقد أكدت الشركة لاتحاد عمال حماة في إطار شرحها للأسباب التي أدت إلى امتناع المصرف التجاري السوري عن فتح الاعتمادات ما يلي:
«نتيجة المتابعات المستمرة ولمدة أكثر من ثلاثة أشهر حصلنا على موافقة الإدارة العامة للمصرف التجاري السوري لفتح حساب جار مدين بكفالة شركة رابحة «شركة الدهانات» وبمبلغ /300/ مليون ل.س، وبعد خمسة عشر يوماً من تاريخ الموافقة، ورد إلينا تعميم الإدارة العامة للمصرف التجاري السوري رقم 1897/30 تاريخ 16/11/2008 دراسات متضمناً قرار مجلس إدارة المصرف رقم 199/م/2008 تاريخ 13/11/2008 بعدم تمويل أية عملية مصرفية أو أي نوع من أنواع التسهيلات المصرفية اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار وحتى إشعار آخر، وإجراء التقاص بين حسابات القطاع العام الدائنة والمدينة.. ولضرورات العمل وحاجتنا الماسة إلى السيولة النقدية من أجل تأمين مستلزمات الإنتاج وعدم التوقف تمت إعادة الطلب، إلا أن المصرف لم يلب طلبنا حتى تاريخه.. أما بخصوص فتح الاعتمادات، فلقد توقف المصرف التجاري السوري عن فتح الاعتمادات لمدة أكثر من شهر، وأجريت مراسلات بين الإدارة العامة للمصرف ومصرف سورية المركزي حيث أن المصرف التجاري يطلب من شركتنا الحصول على موافقة مصرف سورية المركزي على بيع القطع الأجنبي من أجل فتح الاعتماد، تابعنا الموضوع لدى المصرف المركزي وتم إرسال أكثر من رسالة بهذا الخصوص ولكن دون جدوى.
وقد بدأت الإدارة العامة للمصرف التجاري السوري بفتح الاعتمادات خلال الأسبوع الأخير من عام 2008».
لذلك يرجى المساعدة بتحقيق الأمور التالية:
1- الاستمرار بإعطاء تسهيلات لحساب جارٍ مدين من المصرف التجاري السوري إلى الشركات العامة ومنها شركتنا، يُستعمل حين اللزوم لتأمين مستلزمات الإنتاج.
2- تسهيل عملية فتح الاعتمادات لأنها أصبحت معقدة جداً.
3- البندان /1 و2/ هما اللذان يؤمنان توفر المواد الأولية للعملية الإنتاجية بحيث يكون هناك دائماً على الأقل مواد تكفي للإنتاج لمدة ثلاثة أشهر مستمرة بدون انقطاع.
4- حماية الإنتاج الوطني من الإطارات الشاحنة والزراعية المنتجة في الشركة وعلى الأقل بنسبة 25% من أجل استمرار الإنتاج والمنافسة وخاصة أمام البضاعة الصينية في الدرجة الأولى».
وهكذا تمتنع مصارف القطاع العام عن فتح الاعتمادات وعن منح القروض لشركات ووحدات القطاع العام، بينما تقدم القروض للقطاع الخاص بالمليارات تحت يافطة الاستثمار، وتمول السمسرة وصفقات الفساد والشركات الوهمية..