الصراع التكنولوجي العالمي
إيمان الاحمد إيمان الاحمد

الصراع التكنولوجي العالمي

تحتدم المواجهات بين طرفي الصراع الرئيسيين في العالم، وتتعدد أشكالها ومجالاتها وتتنوع. ويُظهر تصاعد الصراع في مجال التكنولوجيا والاتصالات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية أبعاداً سياسية واقتصادية وتكنولوجية تستدعي الاهتمام. ويتضح التوتر في مسعى الطرفين وتنافسهما على وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات التكنولوجية.

فمعركة تيك توك الذي يواجه تهديداً حقيقياً في الولايات المتحدة ما زالت مستمرة، ويتصاعد فيها التوتر المتعلق بمخاطر مزعومة حول خصوصية البيانات الناجمة عن ملكيته الصينية. فقد أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون سيجبر الشركة الأم على التطبيق «بايت دانس» ومقرّها بكين، على التخلي عن ملكيتها للمنصة في غضون عام أو سيجعلها تخاطر بحظر التطبيق في البلاد. وقد جرى إدراج البند الذي يستهدف تيك توك ضمن مشروع قانون حزمة مساعدات خارجية بقيمة 95.3 مليار دولار، من بينها حوالي 26 مليار دولار مخصصة لكيان الاحتلال الصهيوني ولأوكرانيا!
كانت حجة اتفاق المشرّعين من الحزبين على حظر تيك توك، خوف مزعوم من تداعيات علاقات تيك توك المزعومة مع الصين على الأمن القومي! وخشيتهم من أن الحكومة الصينية قد تجبر «بايت دانس» على تسليم بيانات مستخدمي تيك توك الأمريكيين الذين يقدر عددهم بـ 170 مليوناً في الولايات المتحدة، وهو ما تنفيه الشركة. علماً أن بيانات المستخدمين الأمريكيين على التطبيق موجودة كلها داخل مراكز بيانات شركة «أوراكل» وعلى الأراضي الأمريكية. وقد أثار تمرير مشروع القانون احتجاجات من ملايين صناع المحتوى والمبدعين والمستخدمين المؤثرين في التطبيق. وانتقدت منصة تيك توك الحظر المقترح ودعت قاعدة مستخدميها إلى الاحتجاج عليه. وحذّرت من أنه «سيسحق حقوق حرية التعبير» لملايين الأمريكيين ويغلق منصة تدرّ 24 مليار دولار سنوياً للاقتصاد الأمريكي!
تنبّه الأحداث الجارية إلى أهمية فهم تداعيات الصراعات التكنولوجية وتأثيرها على السياسات العالمية. فقد أثبتت الوقائع اليوم أن الخوف من تيك توك ليس بسبب التقنية وحدها، ولكنه خوف من أن التكنولوجيا الصينية باتت تمثل خطراً على الثقافة الشعبية والوعي السياسي داخل أمريكا، فالداخل الأمريكي صار هشاً إلى درجة يحاول معها صناع السياسة الأمريكية بناء الأسوار حوله في مفارقة مدهشة، وهي تعكس ضعفاً ضمنياً في قدرة قادتها وسياسيّيها على التحكم في الداخل والسيطرة على الرأي العام فيها كما كان في السابق.
على الطرف الآخر، تتيح الصين لمواطنيها بشكل واسع عدداً من الوسائط الاجتماعية، مثل الإصدار الأصلي من منصة تيك توك و WeChat وDouyin وWeibo وQQ لتشكيل بديل محلي للمنتجات الأجنبية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1173
آخر تعديل على الإثنين, 06 أيار 2024 18:47