من الأرشيف العمالي: اتجاه التطور

من الأرشيف العمالي: اتجاه التطور

الطبقة العاملة في سورية طبقة حديثة العهد، وهي تنمو عددياً ويزداد تمركزها خصوصاً بفضل بناء مؤسسات القطاع العام ويتعاظم وعيها ويتعمق بإطراد حسها الطبقيّ ويزداد تأثيرها في حياة البلاد، وتتسع صفوفها بانضمام فئات من أبناء الفلاحين الفقراء، وكذلك أبناء فئات من البرجوازية الصغيرة إليها وتتحول فئات كبرى منها إلى بروليتاريا صناعيّة طليعيّة ومع ذلك فلا تزال نسبتها إلى مجموع السكان القادرين على العمل منخفضة. وكما هو معروف فللطبقة العاملة السوريّة تنظيم نقابيّ واحد، وتغتنيّ تجربتها من خلال نضالها.

لقد خاضت الطبقة العاملة السوريّة منذ نشوئها نضالات ضد الاحتلال الاستثماري الرأسماليّ، ومن أجل حقوقها، وقد حققت عددا هاماً من مطالبها الاقتصاديّة والمهنيّة والنقابيّة منذ صدور أول قانون للعمل عام 1946 حتى الآن، ويتصاعد باستمرار دور الطبقة العاملة ضد الاستثمار ومن أجل تحسين أحوالها المعيشيّة، وضد الغلاء وضد محاولات الرأسماليّة الطفيليّة الراميّة إلى إفشال القطاع العام وتطويعه.
كما تناضل فصائلها الأكثر وعياً ضد محاولات كبتها وضد نشر الانتهازيّة والوصوليّة في صفوفها، وضد إضعاف الدور السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ لحركتها النقابيّة.
وتناضل الطبقة العاملة لتحقيق مطالبها العادلة، وفي مقدمتها احترام حرياتها السياسيّة والنقابيّة وتعزيز الديمقراطيّة في تركيب وانتخاب ونشاط منظماتها النقابيّة، والقضاء على كل تمييز حزبيّ في هذا المجال، وزيادة أجورها وتحسين شروط عملها، وتعديل قانون العمل والتأمينات باتجاه تحقيق المزيد من المكاسب لها وشمولها لكافة فئاتها، ومساواة النساء العاملات والعمال الزراعيين لعمال الصناعة في جميع الحقوق، كما يناضل عمال القطاع الخاص المبعثرون في ورشات عديدة للحصول على الحقوق المتوفرة للعاملين في القطاع العام وضد الحرمانات والاستغلال المطبق عليهم.
إن الطبقة العاملة بوصفها لا تملك سوى قوة عملها، وبحكم ارتباطها بأكثر وسائل الإنتاج تقدماً، وتناقض مصالحها تناقضاً جذريّاً تاماً مع مصالح أي طبقة تستثمر الشغيلة، فهي أكثر الطبقات ثوريّة في المجتمع العربيّ السوريّ، وإن النضال ضد البرجوازية الطفيلية هو نضال وطنيّ وطبقيّ، غير أنه في الدرجة الأولى نضال وطنيّ لأن أقوى فئة هي البرجوازية الكومبرادور، أيّ المرتبطة مباشرة باحتكارات الرأسماليّة الامبرياليّة. وتحاول ربط كل اقتصاديّات البلاد بمصالح هذه الاحتكارات وإخضاعها لها، أيّ أنها امتداد للإمبرياليّة العالميّة التي تسعى إلى شلّْ وإلغاء دور سورية الوطنيّ، بل وفي إركاع سوريّة أمام الامبرياليّة.

من وثائق المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوري عام 1980