من الأرشيف العمالي: خطر جديد

تعتبر الصناعات النسيجية من الصناعات التقليديّة في بلادنا تجاوزت شهرتها حدود البلاد منذ القديم، وقد نمت وتطورت هذه الصناعة خلال السنين الماضيّة، وهي تعتمد على المواد الأوليّة المحليّة والخبرات والمهارات الوطنيّة، وكذلك فهي تدعم اقتصادنا الوطنيّ وتغذيّ السوق المحليّة بمنتوجاتها، وقد بلغت قيمة صادرات ست شركات للغزل والنسيج بدمشق في عام 1988 أكثر من 82 مليون دولار.

ورغم كل هذا فإن العديد من الصعوبات والعراقيل تعترض سير هذه الشركات بشكل مفتعل وتعرقل إنتاج هذا القطاع (قطاع الغزل والنسيج) وتؤدي إلى إحداث أزمات وهزات في السوق الداخليّة وانتعاش في السوق السوداء، وتتزايد حمى التهريب والإثراء على حساب هذا القطاع على الرغم من أن مشاكل هذا القطاع واضحة للقاصيّ والدانيّ ومشخصة بشكل ساطع في المؤتمرات النقابية، إلا أن هناك مشكلة جديدة برزت في معظم الشركات الغزل والنسيج في دمشق، وهي نقص الأصبغة والمواد المساعدة في عمليات الصباغة والطباعة وعمليات تحضير النسيج (التقوية الصناعية) إن هذه المشكلة إذا لم يتم حلها بشكل سريع ولمصلحة هذه الشركات فقد تترك آثاراً سلبية متعددة منها:

عدم التمكن من إنجاز الخطة الإنتاجية للمعامل، وعدم الإيفاء بالعقود الخارجيّة الموقعة مع الشركات، مما يؤدي إلى دفع غرامات التأخير، عدا عن الخسائر المالية الأخرى.

توقف بعض الآلات المنتجة، والتي نحن بأمس الحاجة إلى إنتاجها، عدا عن الاهتلاك المادي لهذه الآلات.

تخزين المنتوج غير الجاهز ما يترك عليه الآثار السلبية، ففي شركاتنا لا توجد مستودعات تخزين لها مواصفات مقبولة، مما يجعل هذا الإنتاج شبه قنبلة موقوتة داخل الشركات ومعرضة لمختلف الأخطار والعوامل الجويّة.

انخفاض قيمة المنتوج في حال عدم تجهيزه بشكل نهائيّ، مما يفقده أكثر من 50% من قيمة مبيعه، علماً  أن تكاليف التجهيز قليلة جداً.

نقل العمال من عملهم إلى عمل آخر داخل الشركة، مما يؤدي إلى انخفاض الحوافز الإنتاجية لهؤلاء العمال عدا عن التذمر، وفي حالات كثيرة ترك العمل إن العمال في هذه الشركات مع نقاباتهم يتساءلون: لماذا لا يخصص قسم من قيمة صادرات هذه الشركات من العملة الصعبة لحل هذه المشكلات المتزايدة، والتي تنتظر فتح الاعتمادات لشراء المواد الأولية والأصبغة اللازمة وغيرها؟!.

إن أيّ تباطؤ في فتح الاعتماد لهذه الشركات، لشراء الأصبغة والمواد المساعدة يعني أن هناك من يريد له التوقف، وتخريبه وامتصاص المزيد من الأرباح على حسابه من خلال الأسعار الخياليّة للمواد التي سيشتريها من السوق السوداء من القطاع الخاص نتيجة احتكاره لهذه المواد مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وانعكاس ذلك سلبياً على العاملين في هذا القطاع وبقية قطاعات الدولة.

إن أيَّ حل بديل عن فتح الاعتمادات لتشغيل هذه الشركات بطاقتها القصوى يعني أن هناك قوى تريد المزيد من إثراء البرجوازيّة الطفيليّة والبيروقراطيّة على حساب لقمة الشعب وقطاع الدولة معاً.

 قاسيون العدد /116/ حزيران 1989