بصراحة ... لا قرارات في المؤتمرات النقابية!!

بصراحة ... لا قرارات في المؤتمرات النقابية!!

من تقاليد الحركة النقابية أن تقدّم في مؤتمراتها تقارير عن أعمالها خلال عام، تُضمِّنها رؤيتها للواقع النقابي والعمالي، ويجري التركيز أكثر على الجانب الاقتصادي من حيث تحليل أداء الشركات والمنشآت الصناعية، ونتائج أعمالها إن كانت رابحة أم خاسرة، أم بين بين، وتأثير كل ذلك على مستوى معيشة العمال، ومدى حصولهم على حقوقهم ومكتسباتهم التي يجري الاعتداء عليها. أما الآن فجري التركيز على قضايا ثانوية لا تغير من واقع الحال شيئاً حتى لو تحققت، أما قضايا المعامل وواقعها العمالي والفني ونسب الإنتاج فيها فكانت مغيبة تقريباً في مؤتمر دمشق.

ما نود أن نقوله بهذا الصدد هو أن الحركة النقابية تملك ما يكفي من المعرفة والدراية بواقع الطبقة العاملة من حيث حقوقها ومطالبها، وبواقع القطاع العام الصناعي والخدمي وما يجري فيه من تراجع في الأداء الاقتصادي بشكل عام، بسبب الفساد والنهب وسوء الإدارة التي تشرف على تسيير أموره. وهناك موانع كثيرة أمام النقابات والعمال تجعلهم فاقدين للمبادرة بالدفاع عن القضايا التي ذكرنا وبالتالي تتحول المؤتمرات إلى بروتكول استعراضي للمذكرات وعدد الاجتماعات التي تعقدها الأمانات المتخصصة في مجالها، دون نتائج لذلك العمل المبذول مع الحكومة بكل مؤسساتها المعنية في المتابعة والاستجابة لما يقدمه النقابيون بمذكراتهم وكتبهم التي يسطرونها في نهاية المؤتمر.
إن استمرار الحركة النقابية بموقفها (التشاركي) مع الحكومة وسياساتها الليبرالية، بالإضافة إلى عمق الهوة الفاصلة بينها وبين الحركة العمالية مع العلم بوجود مشاكل كبيرة تنتاب هذه الحركة منها الذاتية ومنها الموضوعية - إن الاستمرار بذلك يعني المزيد من التراجع في إمكانية انتزاع حقوق العمال والدفاع عن القطاع العام وتخليصه من ناهبيه، والمزيد من تمادي الحكومة وإداراتها في الهجوم على مكاسب العمال وحقوقهم. ويمكن أن نرى الصورة واضحة في المؤتمرات المنعقدة حالياً، حيث المطالب السابقة يعاد طرحها، وهذا يعني أن الحكومة ليست بصدد تأمين أو تحقيق ما يطلبه العمال بالرغم من الوعود الحكومية وهي وعود خلبية تتبخر مع انتهاء أعمال المؤتمرات.
الأنكى من ذلك أن الحكومات المتعاقبة «الشريكة» لا ترى بالعمال سوى أنهم سبب مهم من الأسباب التي أوصلت المعامل والشركات إلى حالتها الراهنة من ضعف الأداء والخسائر التي تتكبدها، ولا بد أن نتساءل: من يدير المعامل والشركات، العمال أم الحكومة؟ من يضع الخطط الإنتاجية والتسويقية والصيانة وغيرها، العمال أم الإدارات؟ من يعين المدراء الفاشلين والمشكوك في نزاهة الكثيرين منهم، العمال أم الحكومة؟
إن الإجابة عن تلك التساؤلات سيضع العربة على سكتها الصحيحة، والإجابة هنا تعني وضع استراتيجية للعمل النقابي المستند إلى قوة الطبقة العاملة وإرادتها الصلبة المفترضة في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، التي بحمايتها ستتعزز العلاقة الكفاحية بين الطبقة العاملة وحركتها النقابية، التي هي حجر الأساس في مواجهة قوى السوق والسياسات الليبرالية التي تنتهجها الحكومة، فالإجابة عن ذلك إذاً برسم الحركة النقابية والطبقة العاملة التي في حال استطاعت أن تجيب، فإنها سترفع من سوية مواجهة السياسات الليبرالية التي تتبناها الحكومة، والتي تحتاج مواجهتها أولاً إلى الصلابة التنظيمية المستندة إلى القرار النقابي المستقل المستند إلى أوسع حريات نقابية وديمقراطية في أن يختار العمال بإرادتهم ممثليهم الحقيقيين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1171
آخر تعديل على الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024 21:53