النانوتكنولوجي و«فندق البكتيريا»

النانوتكنولوجي و«فندق البكتيريا»

توصّل العلماء في جامعتي فلوريدا ونيو مكسيكو الأميركيتين، إلى صنع أجسام كرويَّة بأحجام نانومترية (النانومتر جزء من الألف من المليون من المتر) تنصب كميناً للبكتيريا المضرّة وتقتلها بطريقة ذكّرت العلماء بـ «فندق الحشرات»، وهو اسم مصيدة معروفة في الغرب تستعمل في التخلص من الصراصير!

والأرجح أن يفضي ذلك البحث إلى إنشاء كسوة جديدة تطهّر المساحات الشائعة، وتستعمل في مكافحة الإرهاب البيولوجي أو تعقيم المعدّات الطبية، وتالياً تخفض الوفيات المتصلة بتلك المعدات (ما يزيد على 1.3 مليون وفاة سنوياً).

ووصف كيرك شانزي، وهو أستاذ كيمياء في جامعة فلوريدا وأحد المحرّرين الثمانية للدراسة، الأداة المكتشفة قائلاً: «تدخل البكتيريا إلى «الفنادق النانومترية» وتعلق فيها، وبعد ذلك تموت». وأعطى شانزي وزملاؤه الباحثون وصفاً للاكتشافات التي جرى التوصّل إليها في دراسة نُشرت في مجلة علمية موثوقة يصدرها «المجتمع الكيماوي الأميركي».

وليست تلك الكريات «القاتلة الحيوية» الوحيدة من نوعها في الأسواق أو قيد التطوير، وفقاً لما أعلنه شانزي. ولكنها تعتبر فريدة من نوعها بسبب المواد التي تدخل في تركيبتها، وكذلك بسبب عملها كمصيدة. وربما تزايدت أهميتها مع تطوّر الميكروبات من جهة، ومع ازدياد مقاومتها للمواد المطهّرة التقليديّة من الجهة الثانية. وأضاف شانزي: «أول تحديث توصّلنا إليه هو المادّة التي نستعملها، وهي البوليميرات الموصّلة. أمّا التحديث الثاني، فتمثل في «فندق البكتيريا» النانومتري». ووفقاً لشانزي، يمكن دهن مواد مُشرّبة بتلك الكريات النانومترية على مقابض الأبواب أو على أي مساحة أخرى تنتقل عبرها الأمراض البكتيريّة.

وطوّر شانزي، بمساعدة من دايفد ويتن، وهو أستاذ هندسة كيمياوية ومدير معاون في «مركز الهندسة الطبية الحيوية» في جامعة نيو مكسيكو، كمائن صغيرة وبوليميرات موصّلة للكهرباء كان شانزي وويتن عملا على تطويرها في سنوات سابقة.

الضوء الشافي؟

تنطوي البوليميرات على ميزة فريدة. إذ تنتج عندما تتعرّض للضوء، أكسيجين مشبع بالإلكترونات. ويعتبره شانزي «نوعاً من الأكسيجين الشديد التفاعل» لأنه يتميّز بسمّيّة كبيرة بالنسبة إلى البكتيريا، شأنه شأن المبيّض أو غيره من المواد الفعّالة الأخرى المستعملة في تعقيم الأدوات راهناً. ويرى الباحثون أنّه من الممكن استعمال البوليميرات للمحافظة على النظافة العامة. وطوّر ذلك الأسلوب جوناثان سومر عندما كان يعد دكتوراه في جامعة فلوريدا. وتوصّل إلى طريقة لتصميمها على شكل كريات نانومترية، يتراوح حجمها ما بين ميكرون واحد وخمسة ميكرونات، أي ما يعادل جزءاً إلى خمسة أجزاء مليونيّة من المتر.

وعمل طوماس كوربيت، وهو طالب دكتوراه في جامعة نيو مكسيكو، على اختبار الكريات النانومترية، بالتعاون مع زملاء له في جامعة نيومكسيكو، مستعملاً نوعاً آمناً نسبيّاً من الميكروبات القريبة من عائلة بكتيريا قاتلة تدعى «بسودوموناس أيروجينوزا» تشيع في المستشفيات وتتواجد فيها في شكل مستدام. وغالباً ما تنتقل عبر المعدات الطبية الملوّثة، وتسبب أمراضاً، وتقتل مرضى الحروق والسرطان وفقدان المناعة المكتسبة وغيرها.

وأشار شانزي إلى ضرورة إجراء المزيد من الاختبارات لتحديد مدى فعالية «فنادق البكتيريا» النانومترية. وكشفت التجارب الأولية أنها قتلت ما يزيد على 95 في المئة من الميكروبات التي تعاملت معها.

وعملت «وكالة التقليل من الأخطار الدفاعيّة على تمويل ذلك البحث. إذ ترى إمكان أن تستعمل «فنادق البكتيريا» في المراكز المستخدمة لاحتجاز مكوّنات الإرهاب البيولوجي، وفقاً لما كشفه شانزي. وأضاف أنّ أيّاً من مكوّنات «الفنادق» النانومترية ليس غريباً ولا غالي الثمن، ما يشير إلى وجود فرصة جيّدة بإنتاجها بكمّيّات صناعيّة. وقدّمت جامعتا فلوريدا وجامعة نيو مكسيكو طلباً لنيل براءة اختراع عن «فنادق البكتيريا» النانومترية.