الحوار.. من معه؟ ومن ضده؟

شهدت دمشق انعقاد مؤتمرين هامين للمعارضة الوطنية السورية (مؤتمر القوى الوطنية المعارضة على خط التغيير السلمي في 26/9/2012 ومؤتمر الانقاذ الوطني الذي نظمته هيئة التنسيق لقوى التغيير الديمقراطي في 23/9/2012).

لعل أهم ما أفضى إليه مؤتمرا المعارضة الوطنية من نتائج هامة أنهما شكلا خطوة ضرورية في إنضاج وتظهير الطرف المحاور المعارض لاستكمال عناصر الحوار.
ومن المنطقي والبدهي لكل غيور على سورية وباحث عن خروج آمن من الأزمة أن الأهمية ستكون أكبر فيما لو تجمعت قوى المعارضة الوطنية في مؤتمر واحد يبلور بشكل حاسم الطرف المحاور المعارض على طاولة الحوار، الأمر الذي لابد وأن تفرضه الوقائع ونزيف الدم الحاصل في سورية.
ولكي نتقدم في عملية تجميع القوى المعارضة، لا بد من رسم خارطة جديدة للقوى على أساس موقفها الحقيقي من الحوار الوطني الجدي سواء في المعارضة أم في النظام، وتثبت الأحداث أن الخارطة الحقيقة هي:
المتشددون الذين لا يريدون الحوار أساساً ويعلنون ذلك، وهؤلاء موجودون في كلا الطرفين. المعارضة والنظام.
الذين يدعون رغبتهم في الحوار ولكنهم عملياً لا يريدون ذلك، ويعرقلون بأساليب مختلفة التقدم في هذا الاتجاه. وهم أيضاً موجودون في كلا الطرفين.
الذين يريدون الحوار بشكل جدي ويسعون إليه. أيضاً موجودون في الطرفين.
وهنالك جزء هام يدعي أنه يرفض الحوار ولكن تبين الوقائع وضغطها عليها أنه لم يبق بينه وبين تخليه عن رفض الحوار إلا خطوة واحدة وهي الرضوخ للوقائع وإعلان قبوله الحوار.
 وتبين الحقائق على الأرض أن المصلحة الوطنية العليا في الحوار الوطني تستوجب أن يستكمل الفرز بين الرافضين والمعيقين لبدء الحوار عملياً، وبين الساعين له كأحد عناصر الخروج الآمن من الأزمة.
إن استكمال هذا الفرز وتمظهر طرفين واضحين على أساس الموقف من الحوار يتيح للقوى الخيرة في هذا الوطن والتي تريد خروجه من أزمته العزل النهائي للمتشددين في النظام والمعارضة والإجهاز السياسي عليهم. ويبدو واضحاً اليوم أكثر من أي يوم مضى أن الواقع يعزل هؤلاء المتشددين يوماً بعد يوم. كما يبدو واضحاً أن الكشف عن هؤلاء المتشددين وتعريتهم أمام الشعب هو أولى خطوات عزلهم والإجهاز عليهم.
وقد بات واضحاً أن المتشددين في كلا الطرفين هما وجهان لعملة واحدة، إنها قوى الفساد في الدولة والمجتمع، فقوى الفساد في النظام مستعدة للذهاب بسورية إلى الدمار الكامل شريطة أن تبقى محافظة على امتيازاتها ونهبها. كما أن قوى الفساد في المجتمع تنافس الأولى في الحصول على امتيازاتها ولا مانع لديها في منافستها أكثر في تدمير سورية مقابل الحصول على هذه الامتيازات، ولذلك تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى تغيير شكل السلطة والحلول محلها دون تغيير المحتوى الاقتصادي الاجتماعي للنظام. إنها تعلن جهاراً نهاراً أن برنامجها هو في انتقال السلطة إليها متحدثة باسم الشعب. وكأن الشعب مجموعة عبيد تريد الانتقال من مالك إلى مالك آخر، ومن طاحن إلى طاحن آخر.
إن على جميع القوى الخيرة في سورية، ولكشف هؤلاء المتشددين والمتاجرين بدماء السوريين وكرامتهم وكرامة وطنهم؛ أن تبلور برنامجها للمصالحة الوطنية و برامجها الوطنية والاقتصادية – الاجتماعية بكل وضوح وجلاء الأمر الذي يسمح لكل الشعب أن يعرف من هم أصدقاء الشعب ومن هم أعداؤه.
فالمتشددون في كلا الطرفين لا برنامج مصالحة وطنية لديهم ولا برامج وطنية أو اقتصادية – اجتماعية معلنة لديهم ، فإعلان برنامج القوى الوطنية الخيرة يزيل القناع عن حقيقة هؤلاء ويضع الحراك السياسي في سورية في مساره الحقيقي والصحيح.