افتتاحية قاسيون 1167: إنْ جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا...

افتتاحية قاسيون 1167: إنْ جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا...

نشر موقع إلكتروني اسمه «المركزية»، يوم 22 آذار الجاري، مقالاً بعنوان: «ورقة تفاهم أمريكية-سورية تمهّد لمرحلة التسوية»، وادعى المقال استناده إلى وزير سابق له اطلاعٌ وثيقٌ على تلك الورقة، التي تضمنت 13 نقطة، بينها ترسيم الحدود مع «إسرائيل»، بوصفه خطوة باتجاه السلام في المنطقة. وقال الوزير السابق -مرة أخرى على ذمة موقع المركزية- إنّ «دمشق ترفض الحرب وفتح الجبهات، وهو ما طبقته منذ 7 أكتوبر، إذ خلافاً لحزب الله، لم تسمح باستخدام أراضيها منصة لمواجهة (إسرائيل) ولو في إطار مساندة غزة».

قد يبدو نشر مقالٍ كهذا أمراً عرضياً أو «مدسوساً»، ولا يحتاج إلى انتباهٍ أو رد، ولكنّ وضعه ضمن السياق العام لأحداث عديدة تأتي بالتوازي معه، وكذلك فهم آليات الحرب الهجينة الأمريكية، تجعل من الرد على مقالات كهذه أمراً ضرورياً جداً.

فلنبدأ بمحاولة وضع الأمور في سياقها؛ فهذا المقال، يتزامن مع عدة ظواهر وأمور بينها:

  • تصريحات لعضو في مجلس الشعب السوري هو د. نبيل طعمة على القناة الإخبارية السورية، تصب في اتجاه تخطيء قرار المقاومة في فلسطين والقول بانقسامها، وتصب باتجاه أنّ الحوار مع الكيان هو الخيار الصحيح!
  • استمرار البعض في العمل جهاراً نهاراً على استكمال تطبيق وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين العاملين تحت الإمرة الأمريكية، وهم قد وصلوا إلى النهاية تقريباً عبر رفع الدعم بشكل كاملٍ تقريباً عن كل شيء.
  • الدور المتزايد في سورية، لدول مطبعة بالكامل مع العدو الصهيوني، وتعمل بشكل واضح ضد القضية الفلسطينية، وضد الجزائر، وحتى ضد مصر في السودان...
  • شخصيات معارضة سورية تعمل بشكل رسمي في أجهزة تابعة للإدارة الأمريكية، تخرج بمبادرات «تصالحية» مفاجئة، تتحدث عن الذهاب إلى دمشق دون 2254، وعملياً من أجل نسفه.
  • وفي خلفية ذلك كلّه، هنالك الخط الزمني الواضح منذ أواسط 2016، مع انتقال الغرب من شعار إسقاط النظام، إلى شعار «تغيير سلوك النظام»، والذي باتت كل من «خطوة مقابل خطوة»، والمبالغة بالحديث عن «اللامركزية والحكم الذاتي» أداتين في تطبيقه، وصولاً إلى «تغيير صورة النظام»... والهدف الفعلي هو إخراج سورية من تموضعها التاريخي ووضعها في تموضع مضادٍ تماماً.

هذه الأجواء بمجموعها، والتي تسمح بخلق انطباعٍ بالتصديق، تجعل من الرد الرسمي الواضح على الحديث عن ورقة تفاهم أمريكية-سورية، وعلى الدعوات التطبيعية، أمراً ضرورياً وبالغ الأهمية؛ فمعلوم أنّ الجانب الإعلامي ضمن الحرب الهجينة هو جانب أساسي وأكثر أهمية في كثير من الأحيان من الجوانب الأمنية والعسكرية.

مثال محاولة الأمريكي نسب الهجوم الإرهابي في ضواحي موسكو إلى داعش، هو مثال نموذجي على الحرب الهجينة التي يشنها؛ فالمقصود هنا هو العمل لتفجير الفوالق الداخلية ضمن المجتمع الروسي، وخاصة القومية ثم الدينية.

بالعودة إلى الحالة السورية، ولأنّ العدو هو نفسه الأمريكي-الصهيوني، فإنّ الرد الرسمي الواضح على هذه الأقاويل والافتراضات، هو مسألة ضرورية جداً بالمعنى الوطني.

هذا الرد لا يمكن أن يقتصر على تثبيت المسافة مع الولايات المتحدة لفظياً، بل ينبغي أنْ يشمل أعمالاً ملموسة ضد التخريب الأمريكي في الإعلام وفي ساحة الوعي من جهة، وأعمالاً ملموسة نحو إنهاء الأزمة نفسها التي هي التربة الأخصب للتخريب من جهة ثانية... إنهاء الأزمة الذي لا يمكن أن يتم دون تطبيق كامل للقرار 2254 بالضد من إرادة الأمريكي الساعي لدفنه، وبما يسمح للشعب السوري، الذي ليس لأحد أن يزاود عليه في وطنيته، بتقرير مصيره بنفسه...

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1167
آخر تعديل على الأحد, 24 آذار/مارس 2024 19:24