جهاد أسعد محمد جهاد أسعد محمد

أصدقاء الحركة الشعبية وأعداؤها..

تضع حسبة سريعة لأصدقاء وأعداء الحركة الاحتجاجية الشعبية الجميع أمام حقيقة مرعبة، قد لا تخطر ببال من يستسهل ويستمرئ مهاجمة  هذه الحركة !

فأصدقاء الحركة الحقيقيون الذي يصرون على سلميتها ووطنيتها ونظافة شعاراتها وسلوكها وأهدافها هم قلة نسبية من الشخصيات الوطنية والمثقفين، وبعض القوى الناشئة أو قيد التشكل، والقليل القليل من أحرار المنطقة والعالم غير المرتبطين بالمحافل الإمبريالية والماسونية والمرجعيات الطائفية العابرة للحدود.. أما أعداؤها... فالقائمة أكبر مما قد يتخيل الكثيرون، وربما أقلهم إيذاء وتنكيلاً بها بالمعنى البعيد والعميق هم الشبيحة ورجال الأمن ومن لف لفهم من قامعيها المباشرين..

ومع ذلك، يحلو هذه الأيام لـ» متحمّس« من بعض من اتخذوا موقفاً سلبياً مبكراً من الحركة الاحتجاجية الشعبية منذ تفجرها، أن يقف بثقة، ويبتسم منتصراً، ويقول»: ألم أقل لكم من البداية إن المتظاهرين مجرد رعاع وحثالة طائفيين!! ها هي الأحداث تفضح مراميهم وتثبت أنهم مأجورون وخونة وعصابات مسلحة وتكفيريون.. حتى مجلس الأمن اعترف بعنفهم وإجرامهم!.. ، « ثم يشرع في إيراد وتعداد ما حفظه عن ظهر قلب عن تلفزيون الدنيا ونظرائه، من أعمال» وحشية« قام بها هؤلاء» الرعاع «مؤخراً بحق رجال الأمن والجيش والمدنيين والممتلكات العامة والخاصة... وعن ارتباطهم كلهم بأجندات خارجية ومشاريع مشبوهة تسعى لتفتيت البلاد وتمزيقها، محاولاً بشكل بائس ويائس لصقهم بالحركة الشعبية.

طبعاً، لا ينتبه هذا الوطني الفهيم واللاطائفي واللاتكفيري، الحريص على أمن البلاد ووحدتها الوطنية، أن من يصفهم بهذه الصفات وأعدادهم بالملايين، هم قبل كل شيء إخوته في الوطن، وهو مضطر في نهاية المطاف، ولو على مضض، أن يتشارك معهم المصير واللقمة والأحلام والتراب والهواء والماء والثروات، إلا إن اختار تغيير وطنه وانتمائه وبرنامجه الوطني أو حدوده الوطنية استياءً وحنقاً!!.

كما ينسى هو وغيره ممن يحتكرون لأنفسهم لقب »أنصار الوطن «، أن هذه الحركة التي لجأ بعض المحسوبين عليها لحمل السلاح وهي منهم براء، ما فتئت تُدفع بشكل منظم وشديد الخبث إلى غير وجهتها وغاياتها منذ تفجرها الموضوعي قبل أكثر من أربعة أشهر، من خلال القمع والتنكيل المتواصلين، والتجييش الطائفي غير المنقطع من الداخل والخارج، والحواجز، والاعتقالات والمداهمات، وسفك الدماء، والتلكؤ في المضي نحو الإصلاحات الموعودة.. وكل ذلك هو مجرد جزء يسير من مظاهر العداء للحركة الشعبية، التي يختبئ خلف المزيد منها أعداؤها وما أكثرهم!

فعدا كبار فاسدي النظام وشركائهم خارجه الذين يحاولون عبثاً إخفاء تعصبهم الفئوي، ويصورون الحراك الجاري على أنه حركة طائفية بهدف إحداث اصطفافات وهمية تضمن لهم حفاظهم على ثرواتهم ونهبهم، هناك من يسمون أنفسهم »المعارضة «الخارجية، وبعض نُخب »المعارضة« الداخلية، الذين ما انفكوا يبذلون ما باستطاعتهم لكي يقنعوا الحركة الشعبية أنهم قادتها ومرشدوها... هؤلاء بالعمق ضد الحركة بامتياز خطاباً وشعاراً وبرامج وأساليب، ومراميهم غير مراميها في المحصلة، ويحاولون كل الوقت تضليل بوصلتها وجرّها إلى مواقع وأشكال احتجاج غير موضوعية وغير وطنية..

وهناك الإعلام بشقيه، الداخلي، والخارجي الأجنبي والعربي، فكلاهما يشهر سيفه لقطع رأس الحركة بأسلوبه، الأول المتخلف اللغة والأدوات، بعدائه السافر لكل نفَس احتجاجي بحمق يوازي حمق مرجعياته الفئوية، والثاني الخبيث والحرفي، بادّعاء مناصرة الحركة شكلاً والكيد لها مضموناً بمراواغاته وحيله ذات التأثير السلبي الخفي، وأجنداته البعيدة المدى..

والقائمة تطول.. فهناك الإمبريالية» الداعمة«، والمراوغة، والصهيونية العالمية، ومعظم كبار رجال الدين المعارضين للحركة والمؤيدين لها، وغالبية الخارجين عن القانون» المناصرين« للحركة والمناوئين لها، وجحافل الحاقدين العرب والإقليميين، ومجموعات المدّعين، والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات الإنسانية، والجيران، والقوى الناقمة، والقوى الكلاسيكية، اليمينية واليسارية، الذاهبة إلى الموت، ومعظم المرجعيات الطائفية والمذهبية والعشائرية والإثنية... هؤلاء في العمق، أعداء حقيقيون للحركة الشعبية وإن زعم بعضهم العكس..

فهل اجتمع أعداء بمثل هذا القدر على حركة ناشئة من قبل؟

طبعاً كل ذلك لا يبرر أن تنحرف الحركة عن مسارها، فالرهان عليها كبير، والأمل بطهارتها وعمقها وجذريتها أكبر.. ولكن فلنتفهّم الحركة ولنناصرها ونساعدها كي تنضج بشكل أكبر وأعمق، فهي أحوج ما تكون لذلك الآن، ونحن أحوج ما نكون إلى ذلك أيضاً، فالحركة هي قارب نجاتنا جميعاً، شعباً واحداً موحداً ودولة واحدة موحدة..

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.