بصراحة ... قصّة عاملة... وضرورة الوعي بأبسط الحقوق!

بصراحة ... قصّة عاملة... وضرورة الوعي بأبسط الحقوق!

التقيت بعاملة خمسينية العمر في التجمع الذي قام به أهالي مدينة الحجر الأسود (حي الجزيرة) للمطالبة بعودتهم إلى بيوتهم حتى وإن كانت مدمرة، حيث زادتها جماعات التعفيش تدميراً بسرقة الحديد وما تيسر لهم من أشياء أخرى.

تعمل هذه المرأة المكافحة من أجل عائلتها منذ سنوات في معمل للألبسة الجاهزة. دار حديث طويل حول أوضاعها المعيشية باعتبارها هي المعيل الوحيد لأسرتها، بعد فقدها لزوجها وابنها، فتحدثت بمرارة وقهر عن حالها الذي تعيشه هي وأسرتها لأسباب عدة، أولها: أنها هي مصدر الدخل الوحيد. وثانيها: أجرتها التي تحصل عليها لقاء عملها في المعمل والبالغة 50 ألفاً كل أسبوع، أي: ما يعادل 200 ألفٍ شهرياً، ولكم يا سادة أن تتخيلوا حجم القهر السائد في هذه الأسرة، وهي نموذج عن آلاف الأسر التي تعيش في هذا الوضع غير الإنساني الذي وُضعَت فيه، والتي تعيش حرماناً حقيقياً من أبسط حقوقها، مع أن العاملة التي أتحدث عنها تعمل وتتقاضى أجراً، ولكن ماذا يعني الأجر الذي تتقاضاه؟ وماذا يساوي من حاجات ضرورية تحتاجها أسرتها كي تبقى على قيد الحياة؟ ومع هذا الوضع الذي هي به تقول: (الحمد لله أنني لقيت عملاً، وأكسب منه هذا المبلغ البسيط)، وهذا تعبير عن الفرص الضئيلة في أن يجد هؤلاء الفقراء فرص عملٍ تردُّ عنهم الجوع ولو قليلاً.
ضمن القضايا التي جرى حديث حولها، سألتها: هل أنت مسجلة في التأمينات الاجتماعية؟ وقلت لها: إن ذلك ضروري لك في حال أصبتِ أثناء العمل، أو في حال استغنى رب العمل عن عملك، فتجدين ما قد يعينك لحين حصولك على فرصة أخرى تعملين بها، فقالت: «ما بعرف عن شو عمتحكي... شو تأمينات، شو نحن بمعمل دولة؟ ما بحسن أسأل صاحب الشغل عن هيك شغلات».
إن واقع هذه العاملة من حيث وضعها المعيشي وعدم معرفتها بحقوقها الأولية ينسحب على ألوف العمال العاملين في القطاع الخاص، حيث هم محرومون من تلك الحقوق التي أقرها القانون لهم، ولا يحصلون عليها، فكيف الحال بأجورهم التي لا تساوي شيئاً في عالَم الأسعار الحالي، وهنا تكمن المسؤولية الأساسية عن دور النقابات الغائب عن هذه المواقع التي يعمل بها هؤلاء العمال، ويفقدون فيها أبسط حقوقهم التي يقر بها قانون التأمينات الاجتماعية.
إن العمال في ورطة حقيقية من حيث مستوى أجورهم، ومن حيث حقوقهم الأخرى، ونقول للنقابات كما يقول المثل: «إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1165
آخر تعديل على الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024 23:37