عرفات: جوهر التحرك الروسي هو محاولة إعادة فتح طاولة الحوار السياسي

عرفات: جوهر التحرك الروسي هو محاولة إعادة فتح طاولة الحوار السياسي

 

التقت إذاعة «ميلودي إف إم» الخميس 20/11/2014 مع الرفيق علاء عرفات أمين حزب الإرادة الشعبية ضمن برنامجها «إيد بإيد» لمناقشة آخر تطورات الملف السوري، وبخاصة التحضيرات الجارية للحل السياسي. ونعيد هنا نشر الأفكار الأساسية التي تطرق لها الحوار..

النهج الروسي..

بدأ الحوار بالحديث عن الجهود الروسية الحالية في مسألة الحل السياسي، وسأل المحاور: «هل روسيا مستعجلة أكثر من الولايات المتحدة لحل الأزمة السورية؟» فأجاب عرفات: 
لا يجب معالجة الأمور بهذه الطريقة.. يعيش العالم اليوم لحظة مهمة جداً في حياة النظام الدولي، هذا النظام يشهد تغييراً كبيراً، موازين القوى تتغير. الطريقة الأمريكية للرد على هذا التغير هي إشعال مناطق نزاع، على أمل أن تكون هذه النزاعات بامتداداتها عائقاً في وجه التراجع الأمريكي، وأما الامتداد المعاكس، أي الاستراتيجية الروسية مع حلفائها، هي على العكس من الأمريكية تعمل على إطفاء هذه النزاعات، لذلك لا يمكن أن نقول إن الروسي متعجل بعد هذه الفترة، ولكن النهج الروسي هو محاولة الذهاب إلى الحل السياسي، محاولة تطويق البؤر التي يشعلها الأمريكان في مختلف المناطق، سواء في منطقتنا أو غيرها، وأقصد أوكرانيا تحديداً. محاولة تطويق هذه المسائل، والذهاب بها إلى الحل السياسي. 
مجدداً.. حول شائعة «موسكو1»
أعاد المحاور طرح سؤالٍ حول شائعة «موسكو1» التي جرى سحبها عملياً من العديد من المنابر الإعلامية خلال الأسبوع الماضي، فقال عرفات: سوف أقول لك ما صرح به د.قدري جميل بخصوص مؤتمر«موسكو1» في لقائه مع قناة الميادين، لقد قال: إنه ليس هناك شيء اسمه «موسكو1» وليس هناك مبادرة روسية. الحقيقة لا يوجد بين يدينا توافقات سوى بيان «جنيف1»، والمفاوضات التي جرت في«جنيف2» كوثائق. «جنيف1» وثيقة متوافق عليها دولياً في 30 حزيران 2012 وموافق عليها النظام، وموافقة عليها أيضاً المعارضات المختلفة، سواءً المعارضة الداخلية، أو ائتلاف الدوحة في حينه. هذا ما بين يدينا، وبالتالي أي طرف يريد التحرك، سواء كان وسيطاً دولياً أو أي طرف دولي آخر، يجب أن ينطلق مما بين يديه، آخذاً بعين الاعتبار تطورات الأمور، أي التغييرات الحاصلة منذ تاريخ هذه الوثيقة إلى الآن، وبالتالي حسب تقديري، فإن جوهر التحرك الروسي هو محاولة إعادة فتح طاولة الحوار السياسي، بغض النظر عن اسمها، وأرجح أن تكون في جنيف وليس في موسكو، والسبب أن فتح الطاولة في موسكو هو خسارة أمريكية واضحة، وأعتقد أن الطرف الأمريكي لن يقبل بها. لذلك سيدفعون الأمور باتجاه «جنيف3» بكل الأحوال، سواء في موسكو أو غيرها. إن الهدف هو إعادة فتح طاولة الحوار، مع أخذ التطورات بعين الاعتبار. ماهي التطورات التي يجب أن تؤخذ؟ في «جنيف2» كان هناك مشكلة كبرى بموضوع وفد المعارضة، كان هناك مشكلة بالتمثيل الإقليمي. كان هناك بعض الالتباسات بتفسير بيان «جنيف1»، على الأقل إن هذه النقاط الثلاث تحتاج لعلاج حتى تفتح طاولة جنيف من جديد. أيضاً هناك تطورات سياسية يجب أن نأخذها بعين الاعتبار مثل موضوع «داعش»، موضوع وجود التحالف الذي تتزعمه أمريكا. كل هذه المسائل لها تأثيرات على اللوحة السياسية الناشئة لابد من أخذها بعين اعتبار من أجل ضمان إمكانية تحقيق تقدم في طاولة الحوار. وأعتقد أن هذا ما يجري الآن. بالمناسبة أنت تحدثت عن زيارة وليد المعلم إلى موسكو، أعتقد أنه غداً هناك زيارة لسعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إلى موسكو، وكل هذا يدخل ضمن السياق نفسه. من المؤكد أن هناك ملفات أخرى سوف تُدرس غير ملف الأزمة السورية، ولكن كل العملية تدخل في السياق نفسه الذي يمكن، ونتمنى أن يؤدي إلى إعادة فتح طاولة الحوار والحل السياسي من جديد.
معركة واحدة..
في سؤال عن السياستين الروسية والأمريكية وحول المعارك الاقتصادية الجارية أوضح عرفات:
إنّ موضوع حل أو تشبيك الملفات يدور على وقع معركتين كبيرتين، معركة الدولار ومعركة النفط، وهما من حيث الجوهر معركة واحدة، ولكن من حيث الشكل هما معركتان. معركة الدولار، يخوضها عملياً الروس والصينيون بالدرجة الأولى، ويلقون مساندة من عدد غير قليل من دول العالم، لإخراج الدولار من دوره كعملة عالمية، والذي استند عملياً إلى القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية الأمريكية على مدى حوالي نصف قرن إذا لم يكن أكثر من ذلك. هذه العملية تسير قدماً من إنشاء الصناديق والمصارف إلى التبادل بالعملات المحلية دون المرور بالدولار. يأتي ذلك بالتوازي مع وجود مشكلة في النمو الاقتصادي العالمي وأخرى بسوق النفط. بالمقابل يجري شن حرب ضاغطة، هي حرب النفط، وهذه المرة الثانية على الأقل التي يستخدم فيها النفط لهذه الغاية، فقد قامت واشنطن بهذا الأمر في أواسط الثمانينيات، مع الاتحاد السوفيتي في حينه ويعاد الآن. ولكن روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفيتي القديم عام 1986، والمقصود الضغط على إمكانيات روسيا وإيران وفنزويلا، هذه هي البلدان المستهدفة بالدرجة الأولى، ولكن الأضرار سوف تصيب الجميع، لأن السعودية أيضاً مواردها انخفضت. بالورقة والقلم سوف نجد أن لديهم مشكلة، والكويتيون الآن لديهم مشكلة ودول الخليج عموماً. المهم أن إمكانية نجاح هذه الحرب الآن أضعف، وهذا يشير إلى أن واشنطن وحلفاءها سوف يتعرضون إلى خسائر سواء بشركات النفط أو بجماعة النفط الصخري. بالمقابل فإن المستفيد من حرب النفط والأسعار هم مستهلكو النفط، الأمريكيون والصينيون والهنود واليابانيون يستفيدون، وإلى حد بعيد الأوروبيون.
وبالتالي لم تعد القذيفة أو الطلقة الأمريكية تصيب هدفاً محدداً، لكنها تصيب أكثر من هدف، وترتد بشكل معاكس على مطلق القذيفة.. بينما يبقى الاتجاه العام هو لإزاحة الدولار رغم أنه مازال يحبو في خطواته الصغيرة والبطيئة الأولى، مع أنه لم يصبح مؤثراً وهو غير منظور، ولكنه باتجاه ثابت، وهناك أطراف كبيرة الحجم تنوي السير فيه بشكل جدي.
آفاق الحل
وفي سؤال عن آفاق الحل السياسي في سورية قال عرفات: يشكل الجهد الروسي الحالي بارقة أمل إذا أمكن من خلاله فتح طاولة الحوار، من الممكن أن يدفعنا خطوات جدية باتجاه حل هذه الأزمة. ففي حال جرى الذهاب إلى حل سياسي وأنجز اتفاق ما، فإن هذا الاتفاق بحال تنفيذه لا يعني أنه انتهى كل شيء، سنكون مشينا خطوات جدية باتجاه الحلول، ولكن سوف يكون لدينا قضايا أخرى أيضاً جدية، في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وبناء سورية والخروج من الواقع الذي نحن به.
جميعنا نقر وبما في ذلك أكثر متشددي النظام أن سورية تحتاج إلى تغيير، وأن هناك مجموعة من الاستحقاقات بالبلد ينبغي إنجازها، والتأخير الذي حصل لأسباب بعضها موضوعي وغالبها ذاتي، أوصلنا إلى حالة من اشتداد التناقضات بحيث حصل انفجار قوي وماتزال أثاره الكبيرة، وإذا أردنا أن «نلم القصة» من جديد، نقول: إن سورية كان لديها استحقاقات كانت قائمة وينبغي إنجازها، واستناداً لوضع الأزمة هناك استحقاقات جديدة تحتاج إلى معالجة وتعامل معها، وهناك استحقاقات ذات طابع إقليمي ودولي. 
أمامنا اليوم فرصة بإعادة فتح طاولة المفاوضات عبر جهد روسي مسنود كما يبدو من أوساط دولية، ولا نرى ممانعة أمريكية ظاهرة، وربما سوف تنشط ممانعات سعودية وغيرها، وفي ما يتعلق بالمعارضة غير الوطنية، فإن الأمريكيين عندما بنوا مشروعهم على تدخل عسكري، شكلوا المجلس الوطني وعندما فشلوا بالتدخل العسكري شكلوا الائتلاف. الآن التدخل غير المباشر لم يعد يدعم مشروعهم، لذلك عليهم أن ينقلوا الائتلاف إلى مكان ثالث، واليوم يحاولون خلق كيان يتناسب مع المعارضة الخارجية ويناسب الوضع الحالي، وضع الذهاب إلى طاولة مفاوضات. هذا ما وضع قضية تمثيل المعارضة على طاولة البحث، وسيكون الثقل لمصلحة المعارضة الوطنية.

آخر تعديل على الأحد, 23 تشرين2/نوفمبر 2014 11:52