تحت ستار الزلزال: المعركة حول مستقبل سورية على أشدّها!

تحت ستار الزلزال: المعركة حول مستقبل سورية على أشدّها!

لا يمكن تفسير سلوك الدول على العموم بالغايات الإنسانية البحتة. وفي الحالة السورية، ولأنّ السوريين يموتون جوعاً وبرداً ومرضاً وفقراً عبر سنوات دون أنْ تُستَفَزّ نخوةُ بعض الأنظمة، ودون أنْ تُحرِّك «الدوافع الإنسانية» أمريكا لتخفيف عقوباتها، فإنّه ينبغي أنْ يترك المرء ظواهر الأمور جانباً، وأن يحاول البحث في جوهرها.

عملية حسابية بسيطة

فلنقمْ بعملية جمع بسيطة لمجموعة من الأحداث والتصريحات والتحركات الخاصة بسورية، والمحسوبة بمجملها على الطرف الغربي، والتي جرت خلال الفترة القصيرة الماضية، ولنرَ أيّ نتيجة يمكن أن نحصل عليها:

  • واشنطن تصدر قراراً بتخفيف العقوبات لمدة ستة أشهر.
  • تتبعها لندن في القرار نفسه، ثم الاتحاد الأوروبي.
  • تصل مساعدات مباشرة من دول أوروبية، بعد الزلزال.
  • يتابع الأردن الكلام عمّا يسمّيه مبادرة عربية لحل الأزمة السورية، ووزير خارجيته يناقش الخطة مع وزير الخارجية البريطاني عبر الهاتف، ويقرنها بالمشروع المسمَّى «خطوة مقابل خطوة».
  • عُمان، وهي أول دولة عربية زارها مسؤول «إسرائيلي» عالي المستوى، تنضم إلى الإمارات (قائدة التطبيع مع الكيان)، في الغزل العلني، وفي الحديث عن ضرورة الحل، وكل ذلك تحت ستار «الأزمة الإنسانية»، التي لم تَرَهَا أيُّ دولة خلال 12 سنة الماضية!
  • الإعلام شبه الرسمي، والرسمي إلى حدٍّ ما، يعيدان تصديرَ وجوهٍ معيَّنة من «المعارضة» بعد غياب طويل، ويعود الحديث عن ضرورة التغيير...!
  • هؤلاء أنفسهم، ورغم أنهم طالما أعلنوا أنَّهم معادون لـ2254 ولفكرة المرحلة الانتقالية، ينشطون الآن في محاولة لاستقطاب بعض النخب، معلنين أنهم يعملون باتجاه تنفيذ 2254 وباتجاه تشكيل «هيئة حكم انتقالية»، و«برعاية إماراتية»!

 

الحدث الأهم الحقيقي الذي يجري بالتوازي مع هذه «الخطط» و«المشاريع» و«الأحلام» الغربية، هو التحضير للّقاء الرباعي في موسكو، وما سيليه من استكمال للتسوية السورية-التركية برعاية أستانا، ومن فتحٍ لباب التغيير الحقيقي عبر التنفيذ الكامل للقرار 2254، وبغضّ النظر عن إرادة الغرب، ورغماً عنه إنْ تطلَّب الأمر ذلك.

المجموع الحسابي، والجبري، لجملة المحاولات هذه، لا يخرج فيما نعتقد عن برنامج «تغيير سلوك النظام» و«الخطوة مقابل خطوة»، الغربي. والذي يتنشّط اليوم للعمل ضدَّ أستانا، وللعمل ضد إمكانيات الحل الحقيقي وضد إمكانيات التطبيق الحقيقي للحل السياسي، عبر محاولة يائسة للبحث عن صفقة ما من تحت الطاولة ضد إيران وضد روسيا وضد تركيا... وضد سورية نفسها كشعب وكدولة في نهاية المطاف.

الجيّد في المسألة، أنّ كلَّ الأمور واضحة ومكشوفة، ولكلِّ الأطراف الأساسية الفاعلة، وأنّ القوى الحقيقيّة والمصالح الحقيقية تصبُّ محصِّلتها في مصلحة الشعب السوري رغم ما يمكن للمتشدِّدين والمعطِّلين أنْ يسبّبوه من تأخير وتعطيل...

معلومات إضافية

العدد رقم:
000