محمد عادل اللحام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
انتهت المؤتمرات النقابية في المحافظات جميعها، وابتداءً من تاريخ 25/2/2024 تبدأ مؤتمرات اتحادات المحافظات، حيث تتكثف فيها كل أوجاع الطبقة العاملة ويعبّر عنها بأشكال وألوان متعددة، مرة بخجل وحرص على انتقاء الكلمات والجمل التي سيُسمعها النقابي لمن هم في مواجهته من المسؤولين الحضور، فيهزون رؤوسهم كناية عن سماعهم ما يُقَال ولكن كيفية تنفيذ ما قيل قضية أخرى، واللون الآخر من التعبير عن الأوجاع يأخذ شكل الحدة في الطرح، فيكون الطارح للقضية مكلوماً وموجوعاً إلى الحد الذي يجعله يقول «مالها فارقه معي بدي أحكي وقول يلي بقلبي» وهذا النوع من الطرح لا يُطرب الحاضرين في منصات المؤتمر، ويبدؤون بتحضير أنفسهم للردّ على ما قيل حتى لا يأخذ القول مفعوله عند بقية الحضور، وبالتالي يترك أثره الإيجابي من حيث التعبئة والتفاعل.
الأزمة الوطنية أفرزت الكثير من الأشياء التي لم نكن نراها سائدة وواضحة بهذا الشكل والتجلي في تفاصيل حياتنا اليومية، والآن نراها سائدة وواضحة أمام كل الناس، وهي جزء من مشهدهم العام الذي اعتادوا عليه في حركتهم كل يوم، ولكن التفسير لهذه الظواهر ليس واحداً عند الناس.
يقول المثل الشعبي «أجت الحزينة لتفرح ما لقتلها مطرح» وهذا المثل ينطبق على ملايين الفقراء من شعبنا بعد أن جرى ويجري تعشيمه بأن الأمور ستتحسن وأن زيادة الأجور التي كانت مرتقبة وأصبحت حقيقة ولكنها أصبحت حقيقة مرة، ستجعلهم بوضع أفضل من الوضع الذي كانوا عليه ولو نسبياً وما على الفقراء سوى إيقاف النق على الحكومة «لتشوف شغلها منيح في تحسين أوضاعهم ومعيشتهم».
شارفت المؤتمرات السنوية للنقابات على نهايتها، بعد أن عقدت مؤتمراتها وفقاً لقانون التنظيم النقابي، حيث طرح النقابيون القاعديون (لجان نقابية، متممون) مداخلاتهم التي من المفترض بها أن تعكس الواقع العمالي (مطلبياً وإنتاجياً وحقوقياً)، وقد طرح العديد من النقابين مواقفهم كأفراد ولكن في الوقت نفسه يعبرون عمّا هو مطلوب عمالياً ونقابياً في هذه الظروف التي يعاني منها العمال ومعاملهم الأمرين في الإنتاج والمعيشة بسبب سياسات الحكومة والمناصرين لها في النقابات.
حال العمال لم يعد خافياً على أحد، ولم تعد تنفع أنواع المسكنات كلها التي توصف لهم من أجل أن يصبروا على وجعهم... وجعهم المزمن الذي وصل إلى أدق خلاياهم، ولم يجدوا له دواءً شافياً.
ستبدأ المؤتمرات النّقابية مع صدور العدد الجديد من «جريدة قاسيون»، ويسبقها التحضير للتقارير والمداخلات وغيرها من اللوازم في عقد المؤتمرات، ومن اللوازم المفترض وجودها لكي تعبر المؤتمرات حقيقةً عن أوضاع الطبقة العاملة، وما تعانيه من أمور حياتية وعملية، تمكينُ الكوادر النقابية لأعضاء المؤتمر من التعبير الواضح والصريح عن تلك القضايا التي يعاني منها العمال
ترتفع وتيرة التصريحات التي يطلقها المسؤولون عبر وسائل الإعلام المختلفة، بتحسين الوضع المعيشي لعموم الفقراء إن سمحت الموارد بذلك، ومنهم العمال، عبر أشكال من الاقتراحات، منها خفض الأسعار وتعديل التعويضات المختلفة للعمال ومتممات الأجور، وتعديل قانون الحوافز الإنتاجية، ولكن جميعها تبقى بإطار القول لا الفعل، لأن القاعدة الأساسية التي يمكن أن تغيّر واقع العمال من حال إلى حال هي في حالة شلل أو تعطل، أي المعامل، سواء في القطاع العام أو الخاص فكلاهما تتدهور أوضاعهما.
من القضايا التنظيمية المعتادة أن تقدّم النقابات في مؤتمراتها النقابية التي ستعقد خلال الأيام القادمة تقارير عن أعمالها خلال عام، تتضمن رؤيتها للواقع النقابي والعمالي، ويجري التركيز أكثر على الجانب الاقتصادي من حيث تحليل أداء الشركات والمنشآت الصناعية، ونتائج أعمالها إن كانت رابحه أم خاسرة، أو بين بين، وتأثير كل ذلك على مستوى معيشة العمال، ومدى حصولهم على حقوقهم ومكتسباتهم التي يجري الاعتداء عليها.
تنتفض الحكومات في أقاصي البلاد وأقربها بسبب نزول العمال إلى الشوارع، رافعين راياتهم، وقبضاتهم القوية، ووجعهم المزمن الذي تجدده كل يوم آلة النهب الرأسمالي لقوة عملهم التي لا يملكون سواها من أجل أن تستمر دورة حياتهم، ويبقى رأس المال متربعاً على عرشه.
انعقد المجلس العام للنقابات بالموعد المحدد له من قِبَل القيادة النقابية وبحضور الطاقم الوزاري المعني بالرد على تساؤلات أعضاء المجلس.