متلازمة «غيلان باريه» مرض مناعي يطرق أبواب القطاع الصحي

متلازمة «غيلان باريه» مرض مناعي يطرق أبواب القطاع الصحي

ثمانية حالات شلل حاد تم تسجيلها حتى تاريخ 14/8/2016 في مشفى توليد الأطفال والأسد الجامعي في مدينة اللاذقية، وقد تم تشخيص هذه الحالات بمتلازمة «غيلان باريه»، هذا ما أكدته مسؤولة الترصد للأمراض الوبائية في مديرية صحة اللاذقية لإحدى وسائل الاعلام.

كما أكدت المسؤولة أن هذا المرض، كاضطراب مناعي، نادر الحدوث، مشيرة إلى رصد 14 حالة، منها اثنتان بحالة حرجة.

تعريف

حسب بعض المصادر العلمية، فإن متلازمة (غيلان باريه)، بالإنجليزية: Guillain-Barré syndrome))، هو اعتلال عصبي متعدد مكتسب متناظر يصيب الجذور العصبية ثم ينتقل لإصابة الأعصاب المحيطية. ويصيب الأعمار كلها، ولكن يزداد حدوثه لدى الأطفال، يؤدى لشلل في الأجزاء المصابة ثم يمتد لأجزاء الجسم جميعها ففي هذه المرحلة من الالتهاب الحاد للأعصاب يؤدي المرض إلى إزالة النخاعين وهو الغشاء المحيط بالأعصاب، وعادةً يبدأ على مستوى الجذور العصبية ثم يمتد للأعصاب المحيطة (وقد يشمل الأعصاب القحفية والجسمية والذاتية).

الأعراض والعلامات

يبدأ المرض باضطراب حسي خفيف في رؤوس أباخس الأصابع ثم يليه ضعف عضلي صاعد يصيب العضلات الباسطات أكثر من العضلات العاطفات المقابلة لها.

وهو مرض مترقي خلال أيام إلى أسابيع بشكل متناظر في شقي الجسم ويكتمل ذلك خلال شهر تقريباً، وقد ينتج عنه شلل كامل الجسم باستثناء عضلات العين الخارجية والمصرات.

لا يوجد بالعادة حُمى، فإن وجدت قد يكون مسؤولٌ عنها مسبب آخر.

الفحص السريري

ضعف عضلي متناظر بالأطراف_ ضعف وجهي وحشي ثنائي الجانب عند ثلث المرضى تقريباً- غياب المنعكسات الوترية- اشتداد المنعكسات البطنية- نقص بالسعة التنفسية الحيوية، وهي تدل على إصابة العضلات التنفسية، لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار حاجة المريض إلى دعم للتهوية- شذوذات بنظم القلب ونبضه والضغط الشرياني.

المعالجة

معالجة المرض في المستشفى لمراقبة الوظيفة التنفسية خوفاً من حدوث شلل بالعضلات التنفسية يؤدي لتوقف التنفس وتحويل المريض إلى جهاز التنفس الاصطناعي، مع مراقبة القلب لإمكانية حدوث شذوذات بالنظم القلبية- فصد البلازما (Plasmapheresis)- تبديل الدم- إعطاء غلوبيولينات غاما وريدياً- المعالجة الغلوكو كورتيكويد Glucocorticoids لم تظهر فعالية مجدية على المرض.

رأي الأخصائيين

كما تداولت بعض وسائل الإعلام آراء بعض الأخصائيين من الأطباء والمخبريين، حيث قال أحدهم، وهو أخصائي مخبري: «من الخطأ الحديث بكثافة عن جائحة مرض (غيلان باريه) وقيام البعض بنشر الرعب في قلوب المواطنين، فعندما يقرأ المواطن العادي ما تتداوله صفحات التواصل الاجتماعي يعتقد أن الموت اقترب منه أو من أطفاله إلا أن هناك عدد من النقاط يجب الإضاءة عليها وتوضيحها للمواطنين».

وتابع: «المرض مناعي ذاتي مجهول السبب وغير معدي ولا ينتقل من شخص لآخر، ولا يمكن أن يكون جائحة، فهو مرض فرداني، كما أن ربط البعض هذه المتلازمة مع بعض الفيروسات أو الجراثيم هو غير موثوق، بمعنى أن الدراسات الإحصائية وجدت توافق نسب معينة من الحالات مع وجود هذه الفيروسات أو الجراثيم في جسم المصاب دون إثبات الآلية المرضية ودورها في حدوث المرض».

وأضاف: «تشخيص المتلازمة في مشافينا يعتريه الكثير من الشكوك لأن التشخيص اعتمد على السريريات، وبعض التحاليل المخبرية (إن توفرت) غير المؤكدة، وهنا لا أشكك بقدرة زملائنا لكن واقعنا الصحي ليس بهذا التطور ليسمح لنا بتأكيد متلازمة يحتاج فيها التشخيص إلى مراكز متخصصة خاصة في حال ازدياد عدد الحالات».

في حين قالت مسؤولة الترصد للأمراض الوبائية في مديرية صحة اللاذقية: «أي شخص تناول غذاءً غير نظيف وتسبب هذا الغذاء باضطرابات معوية من الممكن أن تتلوه متلازمة (غيلان باريه)، وأيضاً عن طريق الماء أي شخص قام بشرب ماء غير نظيف أو مارس رياضة السباحة بمياه غير نظيفة وسبب له اضطرابات من الممكن أن تتلوها متلازمة (غيلان باريه)».

وأضافت: «لا توجد أعمار محددة للإصابة، لأن المتلازمة مرهونة بالاضطرابات المعوية أو التنفسية وتأتي بعدها مباشرة، وأصغر حالة وصلتنا تبلغ من العمر 5 سنوات وأكبر حالة لدينا 47 سنة، معظمها التهاب أعصاب تلتها متلازمة (غيلان باريه)، وتم إجراء الترصد الوبائي للتأكد أن هذه الحالات هي متلازمة (غيلان باريه)».

وبينت المسؤولة: «أن 15 حالة موجودة الآن في مستشفيات اللاذقية وذلك لوجود جهاز خاص للتشخيص، ويتم معالجتها بشكل جيد ولم يتم تسجيل أي حالة وفاة أو شفاء إلى الآن، والشفاء من المرض يحتاج إلى 4 أسابيع».

بدوره قال نقيب الأطباء في اللاذقية: «سجل في محافظة اللاذقية عدد من الإصابات بمرض متلازمة (غيلان باريه) وهو مرض غير مميت نسبة الشفاء منه 90 بالمئة.. وهو مرض غير معدي لا يمكن وصفه بالوباء، وبأن الزيادة في عدد الإصابات في اللاذقية منطقية نظراً لزيادة السكان في هذه المدينة».

القطاع الصحي العام

على الرغم من أن المرض المناعي المذكور هو غير معدي ولا يمكن اعتباره جائحة مرضية من خلال الحالات التي تم رصدها في محافظة اللاذقية حتى الآن، إلا أنه في المقابل لم يتم تداول أية معلومات عن رصد مثل تلك الحالات في بقية المحافظات. 

في الوقت نفسه بات من الجلي أن على القطاع الصحي العام مسؤولية كبيرة في رصد ومتابعة الأمراض والجوائح المرضية، وخاصة المعدية منها، وإيجاد العلاج المناسب لكل منها في الوقت المناسب وعلى أوسع نطاق، كما تقع على عاتقه مسؤولية نشر التوعية الصحية بالتعاون مع الجهات الأخرى ذات الصلة، العامة منها والخاصة، وهي مسؤولية لا يمكن أن يقوم بها إلا قطاع صحي معافى من أمراضه الذاتية والموضوعية.

ولعل من أولى الأولويات على مستوى حسن تنفيذ هذا القطاع لمسؤولياته هي: تأمين مستلزمات قيامه بمهامه على أكمل وجه، اعتباراً من تأمين الكادرات الطبية المؤهلة والمحافظة على المتبقي منها، مروراً بتأمين التجهيزات والمساعدات الطبية، وليس انتهاءً بتوفير التمويل اللازم عبر رصد الاعتمادات المالية الكفيلة بقيام هذا القطاع بمهامه وتطوير إمكاناته، وذلك كله لا يمكن أن يتم بظل تراجع الدولة عن القيام بمهامها ودورها، وخاصة على المستوى الاجتماعي، من خلال استمرارها بالسياسات المتبعة منذ عقود وحتى الآن.