الولايات المتحدة ترفع من استفزازاتها وضغطها على الصين

خلال القمة الثلاثية وقّع المجتمعون اتفاق تعاون بين الولايات المتحدة واليابان والفلبين، ويعتبر الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس أن هذا الاتفاق سيغير الآليات الجارية في بحر الصين الجنوبي، كما عبرت الدول الثلاث عن «مخاوف» من سلوك الصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، يُذكر أنه في الآونة الأخيرة شهد بحر الصين الجنوبي صدامات خفيفة بين زوارق وسفن فلبينية وصينية، كما أجرت الفلبين واليابان وأستراليا مناورات بحرية مشتركة في بحر الصين الجنوبي في الـ 7 من الشهر الجاري.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن: إن «أي هجوم على طائرة أو سفينة أو على القوات الفليبينية في بحر الصين الجنوبي سيدفع إلى تنفيذ معاهدة الدفاع المشترك» التي تجمع بين بلاده والفلبين.
ردت الصين بانتقاد القمة آنفة الذكر، ومؤكدة قانونية أنشطتها في بحر الصين الجنوبي، حيث قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينج: «الصين تعارض بشدة أي سلوك يثير أو يضع خططاً لنزاعات، ويلحق ضرراً بأمن الدول الأخرى ومصالحها الاستراتيجية» وأن بكين «تعارض بشدة الانخراط في حلقات مغلقة تستثني آخرين في المنطقة».
قبيل القمة الثلاثية اجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في البيت الأبيض، وبعد الاجتماع أعلن عن مجموعة من الاتفاقات الأمنية والتعاون في مجالي الدفاع والتكنولوجيا، وتوسيع الشراكة العسكرية بين البلدين.
وقال بايدن: «يتخذ بلدانا اليوم خطوات مهمة لتعزيز التعاون الأمني والدفاع والتخطيط لجيشينا حتى يتمكنا من العمل معاً بطريقة سلسة وفعالة» وأعلن أنه ولأول مرة ستنشئ الولايات المتحدة وأستراليا واليابان نظاماً شبكياً للصواريخ الجوية والهندسة الدفاعية، وإجراء مناورات عسكرية ثلاثية وشراكة دفاعية مع أستراليا. وخلال اجتماعهما ناقش الطرفان ملفات غزة وأوكرانيا وتايوان بما يتوافق مع الرؤية والمصلحة الأمريكية، وتمت مناقشة انضمام اليابان إلى تحالف أوكوس الذي يضم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا.
يبدو أن الأمريكيين يرفعون من درجة الضغط والتصعيد على الصين وعموم منطقة آسيا، ويسعون لتحسين موقع اليابان في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، ودفعها نحو التسلح من جديد والانخراط بشكل أكبر في المسائل العسكرية في المحيط الهادئ وعلى تخوم الصين.
من جهة أخرى، يبدو أن الولايات المتحدة تسعى للضغط على بكين فيما يتعلق بموقفها من الحرب الروسية الأوكرانية الجارية، خاصة وأن روسيا زكّت المبادرة الصينية للتسوية الأوكرانية. لتبدأ واشنطن بسيل اتهاماتها على بكين بدعم روسيا عسكرياً رغم نفي بكين لهذا الأمر، وتحميلها مسؤولية ما يجري في أوكرانيا، حيث قال نائب وزير الخارجية الأمريكي كيرت كامبل: إن التقدم الروسي والمكاسب الروسية قد «تغيّر ميزان القوى في أوروبا بطرق تُعتبر بصراحة غير مقبولة» مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستنظر لهذا الأمر على أنه «مجموعة مشتركة من الأنشطة المدعومة من الصين وأيضاً كوريا الشمالية». وقال: «لقد أبلغنا الصين مباشرة أنه إذا استمر ذلك فسيكون له تأثير على العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. لن نجلس ونقول كل شيء على ما يرام».
ترمي الولايات المتحدة الأمريكية أوراقها كافة، مدفوعة بفعل أزمتها موضوعياً، ففضلاً عن الجبهة المتأزمة في أوكرانيا، وجبهة غزة التي يسعى فيها الأمريكيون والصهاينة لإطالة أمد النزاع قدر الإمكان لتأجيل ظهور الهزيمة السياسية، يجري الآن الدفع نحو جبهة آسيا باستفزاز الصين بشكل أكبر فيما يتعلق بالبحر الجنوبي وتايوان والتحالفات التي تجريها واشنطن في المنطقة، إلا أن من خسر عسكرياً وسياسياً في أوكرانيا، وسياسياً في فلسطين، ويمضي بتهور مدفوعاً بهزائمه وتراجعه الاقتصادي والدولي، لن ينتصر على جبهة ثالثة في آسيا، بل إن هذا بالضبط ما سيضاعف من تسارع انهياره.